حدوتة ملتوتة
صيف 1961، الريس عبد الناصر في المعمورة إدى أمر، يجيبوا له حسن عباس زكي فورًا.
زي ما إحنا عارفين، حسن هو زير الاقتصاد وقتها، كمان هو كان عقلية اقتصادية فذة، والإمارات اعتمدت عليه كتير وقت تأسيسها فيما يتعلق بـ الاقتصاد، فـ حاجة يعني مش بسيطة خالص؟
المهم، الريس قال هاتوا حسن، فـ فورا يحضر. جه. الرئيس قال لـ وزيره إنه محتاج سيولة عشان يعرف يكمل بنا السد العالي، فـ السيولة هـ تيجي منين؟ ما تفتق عنه ذهن السيد الرئيس هو الأجانب، معاهم فلوس كتير، وهو محتاجها، فـ هو هـ يحط إيده على فلوس الأجانب، يعني بـ البلدي تأميم، زي تأميم قناة السويس كدا.
بس الأجانب ذنبهم إيه؟
ذنبهم إنهم أجانب، الأجانب دول عملوا فينا وسووا، والاستعمار والسفارة ودنشواي، وفلاحين دنشواي، وإنت عارف يعني بقية الحكاية، فـ إحنا لازم نرد لهم اللي عملوه فينا وفي البلد.
الوزير شرح لـ الرئيس مخاطر حاجة زي، وإن الحكاية مش عواطف، ولا حق ومستحق، ولا مشاعر وطنية دافئة، إنما الخطوة دي هـ يكون لها تأثيرها على الاقتصاد نفسه، دا غير الأبعاد السياسية والاجتماعية.
ثم إنه فيه حاجة تانية الوزير نبه لها الرئيس، وهي إننا في وحدة مع السوريين، وفيه أساسا مشكلات ناتجة من تخوف السوريين إنهم يتأمموا، فـ دي هـ تكون الناهية، ثم أساسا
كل دا ليه؟عشان السيولة؟
الوزير قدم حل لـ الرئيس إنه ممكن جدا يتعمل نظام ضريبي معين يوفر سيولة أكتر، ومش هـ يسبب مشكلات كتير.
سمع الريس. سمع بـ كل ما فيه من تركيز، بـ كل ما فيه من حماس، بـ كل حبه لـ الحياة ولـ بلده، بـ كل بسمة فوق شفايف ولده، واقتنع. فعلا كلام مقنع ونوِر "بـ كسر الواو".
خلاص يا حسن، إنت تجهز النظام الضريبي دا بـ كل تفاصيله، بس ما عنديش وقت. بكرة الصبح الساعة عشرة يكون عندي كل هذا الكلام، ونبدأ فورا في تنفيذه.
روح حسن، ضرب غطس متين في الورق والملفات والكتب، سباق رهيب مع الوقت، وقدر بـ معجزة إنه يخلص المشروع قبل الساعة عشرة، وخده، وجري بيه ع الرئيس، فـ ما لقاش الرئيس!
قالوا له إنه مش موجود، راح فيلا المشير عبد الحكيم عامر، فـ جري على فيلا المشير، لقاهم قاعدين، وأول ما هل عليهمعبد الحكيم قال له:إيه اللي إنت عايز تعمله دا يا حسن؟
قال له:سيادتك، أنا اتكلمت مع الريس إمبارح، وما نمتش من ساعتها عشان أجهز اللي طلبه مني.
قال له: ما إحنا كمان يا حسن ما نمناش، وإحنا كمان فكرنا، انسى اللي معاك دا، إحنا استقرينا نأمم الأجانب، ونأمم المصريين كمان.
بص حسن ناحية الريس، اللي قال له: معلش يا حسن، إحنا هـ نعمل زي ما حكيم قال، ويكون في علمك، إنت اللي هـ تنفذ قرارات التأميم.
عباس زكي بـ يعلق على جملة الرئيس الأخيرة: يعني كمان حتى لو فكرت في الاستقالة، الريس مش هـ يقبلها.
بس يا سيدي، وعنها.