إبراهيم عبدالعزيز: لولا توفيق الحكيم لما كنت صحفيًا
تحل اليوم ذكرى رحيل المفكر الكبير توفيق الحكيم، ولهذا السبب تواصل "الدستور" مع الكاتب الصحفي إبراهيم عبدالعزيز، الذي قام بتأليف الكثير من الكتب عن المفكر الكبير وأجرى معه الكثير من الحوارات وغيرها عبر مجلة الإذاعة والتليفزيون.
يقول إبراهيم عبدالعزيز:" قد تندهش إذا عرفت أن ظروف تعرفي على توفيق الحكيم كانت من أصعب وأشق الظروف التى صادفتني فى حياتي الصحفية، كما سوف تندهش أيضًا أنه لولا توفيق الحكيم لما قدر لي أن أكون صحفيًا .. هذا موجز الحكاية وإليك تفاصيلها".
ويكمل: "التحقت فى بداية عملي الصحفي بـ"دار الهلال " محررًا تحت التمرين بمجلة "المصور"، وأكاد أكون الوحيد الذى لم تكن له واسطة لدخول شارع الصحافة، ومن ثم كان القائم على تدريب الصحفيين الشبان يفضل التعامل مع من أتوا بالواسطة، ومن ثم وجدتني مهملًا بلا عمل، اللهم إلا تحقيقين شاركت فيهما مع عدد من الزملاء، ثم تُركت لشأني، ففكرت أن أقوم بتشغيل نفسي فاتصلت تليفونيًا بمكتب توفيق الحكيم بـ"الأهرام"، فرد علىّ هو بنفسه، فلم تكن له سكرتارية، لأنه لم يكن يحبها بعد تجربة فاشلة جعلته لا يفضل هذا النظام الذى يحرص عليه أغلب الكُتاب.
ويضيف: "ولما طلبت منه حوارًا قال لي إنه لا يجري حوارات، فلما طلبت زيارته والتشرف بلقائه قال لي: كلمني بعد شهر، فقلت له: سأكلمك بعد أسبوعين لأهنئك برأس السنة الميلادية - 1983 - وحدث، وأعطاني موعدًا فى منتصف نهار شهر يناير وقال لي إن مكتبه يرتاده بعض الزوار الذين يتناقشون، تعال واكتب ما تريده، ولكنني لا أتكلم - اعتبرت مجرد موافقته على مقابلتي خطوة كبرى أعددت نفسي لها بقائمة طويلة من الأسئلة، وجهاز تسجيل ضخم - استعرته من أحد أقاربي لعدم قدرتي على شراء جهاز تسجيل - فقال لي إنه سيمليني عمودًا، ولما أظهرت له التسجيل قال إنه لا يضمن أن يقول لي كلامًا فى آخره يناقض أوله، فطمأنته على مراجعة وتنسيق ما يقوله قبل النشر.
ويواصل: "وفتحت جهاز التسجيل بعد أن طلب لي فنجانًا من القهوة - وهو ما أسقط أول إشاعة عنه وهي "البخل" - ولما انتهينا من الوجه الأول من شريط التسجيل، قال لي توفيق الحكيم: ما دمنا قد تكلمنا فلنتكلم، ودام الحوار ساعة كاملة، طلب منى بعدها أن أشرب القهوة، فلما أمسكت بالفنجان داعبني ضاحكًا قائلًا: أتشرب القهوة باردة؟!، فأعدت الفنجان مكانه - وساءلت نفسي كيف سمح الكاتب الشهير بـ"البخل"، لنفسه أن يخسر ثمن فنجان قهوة لم تشرب؟".
وزيادة فى الحرص قال لي توفيق الحكيم: "لو سألك أحد كيف وافقت على إجراء هذا الحوار، قل: لأنك بلدياتي - لأنه كان قد سألني فى بداية اللقاء عن بلدي فقلت له: دمنهور.. فأظهر ارتياحًا وقال: يعنى بلدياتي".
ويختتم: "واستمرت العلاقة حتى رحيله، وما من مرة طلبت فيها رأيًا أو حوارًا، إلا وافق حتى أنه أدار من خلالي على صفحات مجلة "الإذاعة والتليفزيون" معركتين عن التعليم والشعر قبل رحيله".