الأنبا نيقولا مطران طنطا يكشف كيف نشأت الرهبنة فى سيناء
يواصل الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، طرحه الذي يتحدث عن المسيحية في سيناء من كتاب "الدولة المملوكية ودير القديسة كاترينا السينائية".
وقال الأنبا نيقولا، مطران طنطا، إن من أشهر جبال المنطقة ﺇلى جانب جبل سيناء، "جبل سِربال" وارتفاعه ٢٠٥٠ مترًا، وجبل "القديسة كاترينا" وارتفاعه ٢٦٠٠ متر وهو أعلى جبال سيناء، وأشهر أودية بلاد الطور هو وادي "فاران"، أو "فيران"، الذي قال عنه المحققون إنه "ريفيديم" المذكور في التوراة، وعلى الطرف الجنوبي من شبه جزيرة سيناء تقع مدينة "الطور"، وهي مرفأ يطل على البحر الأحمر (القلزم)، وكان يُستخدم لنقل الحجاج من وﺇلى الحجاز، وكانت المدينة تعرف باسم "الرَايْثُو" أو "الراية" وكان يوجد بها دير الرايثو الشهير، الذي يعود تاريخه ﺇلى القرن الرابع الميلادي، وسميت المدينة "الطور" نسبة ﺇلى جبل طور سيناء.
وتابع: "يبدو أن حياة التوحد في الرهبنة المسيحية انتشرت باكرًا في سيناء، من قَبل بناء دير طور سيناء، على جبل موسى وعند سفحه وكذلك حول العُلَّيْقة المقدسة. ثم أخذ المكان يجذب مجموعات مسيحيين من مصريين ويونانيين وعرب وسوريين وأنباط، وهكذا نشأت جماعات رهبانية صغيرة، كانوا يعيشون في كهوف أو صوامع بنوها في الجبل".
وأضاف: "يمكن القول بأن الرهبان المسيحيين جاءوا ﺇلى سيناء ﻠﻺقامة في الأماكن المقدسة ابتداء من القرن الثاني الميلادي. ففي عام ٢٠٥م كتب القديس ديونيسيوس اﻹسكندري عن رهبان طور سيناء وعن الاضطهادات التي أصابتهم، كما روى الراهب أمونيوس اﻹسكندري، الذي زار سيناء عام ۳٧۳م، أنه في أثناء زيارته غزا البدو رهبان طور سيناء فقتلوا أربعين منهم. كما غزا البجاة، وهم من جهة السودان، رهبان الرَايْثُو فقتلوا منهم أربعين أيضًا، فقام أهل فيران، وهؤلاء كانوا مسيحيين، وقاتلوهم. كما أن الرحالة اﻹسبانية (ﺇيثيريا) قامت برحلة ﺇلى سيناء حوالى عام ۳٧٢- ۳٧٤م، وزارت الرهبان هناك ووصفت حياتهم والمنطقة".
وتابع: "يستدل من الآثار في المنطقة، والتي تعود ﺇلى القرن الرابع الميلادي، على وجود أبرشية تضم عدة أديرة وكنائس، ففي وادي فيران (فاران) يوجد أطلال مبنى مقر أسقفية فيران الأثري الملاصقة لدير (النبي موسى) للراهبات، الذي أسسه حديثًا رئيس أساقفة سيناء (دميانوس الأول)، الرئيس الحالي لدير طور سيناء، بالقرب من أطلال دير البنات الأثري".
واختتم: "كما تدل أيضًا على ذلك الشواهد التاريخية؛ ففي عام ٥۳٦م، في مجمع القسطنطينية الذي عقد ضد الهرطوقيين أنتيموس وسافيروس، وقَعَّ الكاهن ثيوفانس باسمه في جلسات المجمع نائبًا عن أبرشية فيران. كما أن انتشار الكنائس في الطور ووديان جنوب شبه جزيرة سيناء تُبينه أحداث الحملات الموجهة لهدم الكنائس والأديرة الموجودة في سيناء، على عهد كل من الحاكم بأمر الله الفاطمي (١١٠١- ١١۳٠م) والسلطان الظاهر جقمق المملوكي (١٤۳٨-١٤٦١م) والسلطان سليم الأول العثماني (١٥١٢-١٥٢٠م)".