التفاصيل الكاملة لشبكة جواسيس "الموساد" في تركيا.. العمليات والتدريب
كشفت وكالة المخابرات التركية MIT الاسبوع الماضي عن شبكة من عملاء الموساد عملوا لفترة على الأراضي التركية، وزعمت المخابرات التركية أن 56 من النشطاء كانوا مرتبطين بشبكات مختلفة جميعها مرتبطة بمقر الموساد في تل أبيب، أطلقت عليها انقرة اسم عملية "التمثال" بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
وكشفت المخابرات التركية أن الكشف عن عناصر شبكة الموساد جاء بعد عام ونصف من المراقبة، وزعمتم أن عناصرها كانوا يتجسسون على مواطنين غير أتراك، وهو جهد أسفر عن اعتقال سبعة أشخاص واعترافاتهم.وبحسب التقرير فإن المعتقلين اعترفوا بهذه الاتهامات. كيف علمت الشبكة وماذا كانت مهامها؟
عمليات الشبكة
كشفت وثائق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التركية أن العملاء قاموا بجمع المعلومات باستخدام طرق مختلفة للمراقبة بما في ذلك من خلال أنظمة GPS في المركبات، واختراق شبكات الإنترنت المحمية باستخدام WiFi
حيث تتكون تتكون الشبكة من مواطنين من دول شرق أوسطية مختلفة، يستخدمون مواقع ويب وهمية بلغات مختلفة، ولكن معظمها باللغة العربية، للحصول على معلومات وعناوين IP، فيما كانت جميع الاتصالات بين عملاء الشبكة والموساد عبر هواتف محمولة مسجلة بهويات مزيفة في إسبانيا والسويد وبريطانيا وألمانيا وإندونيسيا وبلجيكا وماليزيا.
وفقًا لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، استخدم أحد عملاء الموساد، الذي لم يتم تحديد هويته الحقيقية، هاتفًا ألمانيًا لتوجيه عميل آخر بهوية فلسطينية مفترضة، لإنشاء مواقع إنترنت متعددة. تم استخدام هذه لتوجيه أهداف محددة للشبكة إلى روابط تحتوي على فيروسات حتى تتعرض هواتفهم للاختراق.
كما كشفت المخابرات التركية أن الموساد أرسل نشطاء عرب من اسطنبول إلى لبنان وسوريا لجمع معلومات استخبارية وتحديد أهداف يمكن أن تضربها طائرات مسيرة، كما تم إرسال العملاء إلى حي الضاحية بجنوب بيروت، وهو معقل لحزب الله، وحددوا الإحداثيات الدقيقة لمبنى يضم أعضاء بارزين في الحركة المدعومة من إيران. كما أمر أحد قادة الشبكة الذي انتحل هوية مواطن أردني مقيم في السويد أحد النشطاء بتصوير مبنى مهم استراتيجيًا في دمشق.
كما استهدف عملاء الموساد مكتب رئيس مجلس إدارة شركة استثمار سورية وتآمروا لسرقة هاتفه وجهاز الكمبيوتر والوثائق الخاصة به، كما شارك نفس الرجال في المراقبة بعد مواطنين مصريين في اسطنبول، من بينهم طبيب وصحفي، وزُعم أن أعضاء الشبكة عملوا على تحديد أهداف مرتبطة بحماس في اسطنبول.
وقال معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن للموساد "مكاتب" في ماليزيا وإندونيسيا والسويد وكلها تتلقى تعليمات من تل أبيب. كما زُعم أن العملاء تابعوا جسدياً أهدافاً مختلفة وقاموا بتصوير اللقاءات. وبحسب السلطات التركية ، فإن هذه العملية "أشرف عليها الإسرائيلي من أصل عربي سليمان أغبارية".
تدريب العملاء
تم تدريب العناصر في اسطنبول على الأمن السيبراني وحصلوا على دعم فني من شركة إلكترونية في تل أبيب يملكها شخص يدعى "فتال كالاهاري، والذي كان على اتصال مباشر مع عملاء الموساد،وقام بتوجيههم إلى كيفية اختراق الهواتف المستهدفة وما الذي يمكن استخدامه لجذب الأهداف إلى روابط الويب المصابة.
كما تبين أنّ "العملاء تلقوا تدريبات في أوروبا من قبل المسؤولين التنفيذيين في الموساد، وكُلفوا بمراقبة شركة و23 فردًا لهم علاقات تجارية مع إيران".
كما زعمت المخابرات التركية أن الموساد استخدم عشرات الجواسيس، بعض مواطني تركيا الذين تلقوا تدريبات في تل أبيب ، في عملية سرية بدأت في صربيا، وانتقلت إلى دبي وانتهت في بانكوك.
وذكر التّقرير، أنّ الإستخبارات الإسرائيلية تختبر ولاء عملائها الميدانيين، من خلال جعلهم يشاهدون أهدافًا مزيفة يطلق عليها اسم "الأبيض" مثل المساجد والكنائس والبازار الكبير والبازار المصري، والمواقع السياحية الشهيرة في اسطنبول. بمجرد تأكيد تحالفهم مع القضية ، تم إخضاعهم لنظام تدريب من خمس مراحل وتم تكليفهم لاحقًا بمهام حقيقية في كثير من الأحيان في بلدان أجنبي، حيث تم ترقيتهم إلى عملاء ميدانيين بعد اجتياز الاختبار.
لماذا سربت تركيا الخبر؟
تعمدت تركيا عمدت تسريب خبر كشف واعتقال خلايا الموساد لأسباب كثيرة أهمها أن تلك الخلايا متعددة الجنسيات ومتعددة الأهداف وهي خطيرة في نظر المخابرات التركية، خاصة وأن التنسيق بين الدولتين في البعد الأمني لم ينقطع، لذلك أرادت تركيا أن ترسل رسالة أن العمل الأمني على أراضيها لم يعد كما كان في السابق، فقد تغير معادلات كثيرة وأنظمة وشخصيات أمنية جديدة لا ترغب بالعمل والتنسيق مع جهاز الموساد في إطار التعاون الدولي والاقليمي. كما أرادات الحكومة التركية ان تعطي اشارات للعاملين على أراضيها بيقظتها وصحوتها.
فيما ترى إسرائيل أن توقيت الكشف عن الشبكة يرتبط بشكل وثيق عن كشف خلية إرهاب في قبرص وفي نفس اليوم الذي شنت فيه إسرائيل حملة كبيرة لمكافحة الإرهاب في شمال الضفة الغربية، تستهدف الجماعات التي لها صلات بتركيا.
قال مصدر إسرائيلي رفض الكشف عن هويته لصحيفة صن: "بينما لا أستطيع أن أقول ما إذا كانت قصة حلقة التجسس صحيحة، فإن توقيتها مثير للفضول، يبدو لي أنه تم الإعلان عن ذلك على نطاق واسع من قبل أنقرة للاستهلاك الداخلي. والرسالة التي أرادوا إيصالها إلى جمهورهم هي : "لسنا رعاة للموساد".
التأثير على العلاقات مع إسرائيل
عملية التمثال هو أول عملية رفيعة المستوى يتم الإعلان عنها منذ أن تولى إبراهيم كالي ، مستشار السياسة الخارجية السابق للرئيس رجب طيب أردوغان، إدارة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بعد رئيسها المخضرم هاكان فيدان والذي أصبح وزيراً للخارجية التركي أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو.
لا يزال من غير الواضح ما هو تأثير الكشف عن هذه العملية، على جهود أنقرة لإصلاح علاقتها المتوترة مع الدولة اليهودية، يأتي هذا في ظل نشر تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيلتقي بأردوغان هذا الشهر في تركيا.
فيما أشارت جاليا ليندنشتراوس وهي زميلة أبحاث أولى في معهد دراسات الأمن القومي للمونيتور قائلة: من الواضح أن مثل هذه القصة عن حلقة التجسس تشكل إحراجًا، ولكن إذا ظلت غير مؤكدة بدون إجراءات أو ردود فعل عملية من جانب تركيا، فيمكن للعلاقات الثنائية أن تنجو من الصدمة السلبية".