أزهريات يضعن روشتة عملية لآليات الحوار حفاظًا على استقرار بيت الزوجية
عقد الجامع الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، فعاليات الحلقة العاشرة من الموسم الثالث ضمن برامجه الموجهة للمرأة، تحت عنوان: "مهارات إدارة الحياة الزوجية"، وذلك برعاية كريمة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وشهدت فعاليات اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "الحوار واتخاذ القرار"، حاضر فيها كل من روحية مصطفى، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، ورحاب الزناتي، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، وأدارتها حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
وأكدت الدكتورة روحية مصطفى، أن المرأة شريك أساسي للرجل في مسئوليات الأسرة، ولابد من مراعاة أصول الحوار بينهما، فهناك ما يسمى بفن إدارة الحوار، موضحة أن الحوار يلزمه تعلم فن الإدارة لأن هناك حوارًا ينتهي بطلاق، وآخر ينتهي بضرب.
وأوضحت أستاذ الفقه بجامع الأزهر، أن لإدارة فن الحوار مظاهر، منها "مراعاة نفسية الآخر، واختيار الألفاظ، واختيار الوقت المناسب"، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول للسيدة عائشة – رضي الله عنها - إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قالَتْ: فَقُلتُ: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟ فقالَ: أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ، قالَتْ: قُلتُ: أجَلْ، واللَّهِ -يا رَسولَ اللَّهِ- ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ.
ونصحت "روحية": "لا تفرحي في وقت غضبه، ولا تحزني في وقت فرحه، والكلام نفسه للزوج، ولابد أن تبدأ بكلمات جميلة كما كان يفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد وصف السيدة عائشة - رضى الله عنها -بالحميراء؛ لأنها كانت شديدة البياض، وتعنى كلمة "حميراء" البيضاء وهى تصغير "حمراء"، وهو لقب أطلقه عليها النبى - صلى الله عليه وسلم -.
وتابعت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم - ينادي أم المؤمنين بعائش، فقد قالت - رضى الله عنها: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا: "يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ "، وهذا مما يجمل العلاقة الزوجية بين طرفي وجناحي الأسرة الزوج والزوجة.
من جهتها، قالت الدكتورة رحاب زناتي، إن استقرار الأسرة مهم جدًا من أجل استقرار المجتمع بأسره، فإذا أرادت الدول العظمى هدم أي أمة يقوم بإدخال كل ما يخالف الفطرة السليمة، فالأسرة أعداؤها كثيرون أعداء من الجن وأعداء من الإنس ورفاق السوء، مستشهدة بما روي عن النبي– صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم يقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته! قال: فيدنيه ويقول: نعم أنت"، قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه .
ولفتت أستاذ التربية بجامعة الأزهر، إلى أن الأطفال إذا تربوا في بيت فيه مشاكل يكونون غير أسوياء، وكذلك إذا تربوا بعيدًا عن الأبوين، فالحياة تختلف اختلافًا كليًّا بوجود المشاكل، ولابد من مراعاة نقطة الاتفاق، مؤكدة أن الإقناع مهارة مهمة جدًّا في الحوار بين الزوجين.
ونوهت إلى أنه لا بد من بسط الوجه والابتسامة والكلمة الطيبة وحسن الخلق للزوجين، ويجب أن تكون الابتسامة موجودة في الحوار، فإذا فقدت الابتسامة دخل الشيطان في الأمر، فالابتسامة تهون على أنفسنا هذا الحوار، مضيفة أنه لا بد من تقارب واتفاق وجهات النظر حتى لا يصبح أحد الطرفين في موقع الدفاع عن نفسه، وسينتصر أحد الطرفين أو ينتهي الأمر بالشجار وهذا لا نريده، فلا بد من أن تبدئي بشيء طيب في الحوار ونقطة اتفاق بينكما في هذا الحوار .
من جهتها، قالت الدكتورة حياة العيسوي، عن كيفية إنجاح العلاقة الزوجية: "ادخلي الزواج وأنت في نيتك أن تؤدي مسئوليتك وواجباتك؛ لأن واجبات الزوجة هي حقوق الزوج، وواجبات الزوج هي حقوق الزوجة، فلا يقتصر التفكير على تعلم الطرف الثاني كيف يحترمك ويعطيك حقوقك فقط، بل هو أمر مشترك من الطرفين".
واستشهدت بقول ربنا في القرآن الكريم: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) "، فاصبر وتحلم وأكرم نصفك الآخر هذا ما عليك، وستجد قلب الآخر أحسن مما تتوقع .
وتابعت: "تيقن أن من العمل الصالح أن تقابل ربك ونصفك الآخر يعيش في الدنيا كريمًا، راحته وراحة باله كاملة بسببك، ثم إذا لم يكن بين الزوجين حوار واضح ومباشر، وكلاهما يضمر في نفسه ما لا يستطيع مناقشته مع الآخر، ويعيش متكلمًا مع نفسه فقط فبعد فترة من الزمن سيكتشف الزوجان أن كل واحد منهما يعيش خصوصياته فقط لا يشاركه فيها أحد، وبمفرده يأخذ القرار، وبنفسه ينفذه، وتدور في ذهنيهما أسئلة: لمَ تزوجت؟ .. بماذا أفادني الزواج؟ وتبدأ الأسرة في التفكك، حتى وإن بدت في ظاهرها أسرة متماسكة".
ولفتت إلى أن الانفصال السلوكي والروحي يقيم بين الزوجين حواجز وسدودًا تعلو وتعلو مع مرور الوقت، ومن أجل تحطيم هذه السدود لا بد أن يكون عندهما قناعة بضرورة الحوار في كل أمر من أمورهما، وهذا يترتب علي قناعة كليهما معًا، وبهذا تصبح قراراتهما مشتركة، مهما صعبت.
وعقب الندوة، أجابت المحاضِرات على عدد من تساؤلات السيدات، اللاتي لاقين إجابات شافية ووافية ومقنعة وحلا لمشكلاتهن، حيث عبرت الحاضرات عن شكرهن للمحاضِرات لما استمعوا له من صوت العقل والحكمة، كما وجهوا الشكر للأزهر الشريف ولإمامه الأكبر وقياداته وعلمائه.
يذكر أن البرامج الموجهة تعقد كل أربعاء بالجامع الأزهر ومقسمة إلى ٤ محاضرات لكل موسم، ويحاضر فيها كوكبة من عالمات جامعة الأزهر وواعظات مجمع البحوث الإسلامية.