أميرة دكروري: نجحت في نقل موروث خاص ومختلف بـ «الكحريتة» (حوار)
منذ أسبوع، فاز فيلم "الكحريتة" بالمركز الأول في مهرجان السيبنما الإفريقية، وأميرة دكروري هي مدرس مساعد بدبلومة الإعلام الرقمي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كاتبة وصحفية، عملت في عدد من الصحف، منها بوابة الأهرام، ومجلات البيت وفنون وعالم الكتاب وجريدة القاهرة، وتعمل حاليا معدة لبرنامج «أطياف» الذى تقدمه دكتورة صفاء النجار بقناة الحياة.
صنعت “دكرورى” أفلاما وثائقية منها «أنامل ذهبية» عن صانعي العقادة بقرية محلة مرحوم، وأيضا «الكحريتة» الذي يوثق لطقوس أهالى قرية البهنسا، التابعة لمحافظة المنيا، برصد كافة الظواهر المتعلقة بالمقامات والأضرحة، وحصد جائزة الجمهور في مهرجان إفريقيا السينمائي ببلجيكا، بدورته الـ ٢٦، أميرة دكروري تحدثت للدستور فى هذا الحوار.
حدثينا عن ردود الأفعال عقب حصد «الكحريتة» لجائزة الجمهور بمهرجان إفريقيا السينمائي؟
سعدت كثيرا بحصد الجائزة، خاصة أن المهرجان معني بالسينما الإفريقية، فالفيلم لا ينافس أفلام تسجيلية وإنما روائية أيضًا، فسعادتي ليست بالفوز وحسب، إذ أني نجحت بدرجة ما في نقل موروث ثقافي خاص ومختلف مع توثيق أبعاده وطقوسه إلى جمهور متنوع بعيد عن هذه الثقافات، وهو ما أحاول تنفيذه في أفلامي التسجيلية الأخرى.
- درست الآداب،كما أن لك باع في السينما.. ما علاقة المسارين ببعضهما البعض؟
درست الإعلام في مرحلتي البكالوريوس والماجستير، وخلال المرحلتين كنت مهتمة بالفنون المرئية، كما أنى أهتم بالأدب بشكل خاص منذ صغري، لذا فالتزاوج بينهما أراه طبيعيا، فهما ليسا مسارين منفصلين وإنما ثمة تقاطعات كثيرة بينهما خاصة أن اهتمامي بالسينما التسجيلية بشكل خاص التي تعتمد بشكل رئيسي على التوثيق. كما أن الاطلاع على الآداب تثري خيال صانع الفيلم وتزيد من قدرته على فهم ومحاكاة الواقع أو الشخصيات.
- السوشيال ميديا والهاي تكنولوجي في هذا الإيقاع الآني الزمني المنفلت، كيف تستشرفين مستقبل وماهيات الفنون والآداب؟
السوشيال ميديا والوسائل التكنولوجية المختلفة أصبحت واقعًا الآن، إذ لا يمكننا التعامل معها باعتبارها طارئ أو أمرًا جانبيًا، والحقيقة أننا يجب أن ننتبه لضرورة الإسراع في الالتفات إلى تطوير مفهومنا عن التكنولجيا التي تتغلغل يوميا في مختلف مناحي الحياة ومن بينها الآداب والفنون. بالفعل هناك استخدام لكثير من أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الموسيقى مثلا، وفي مجالات الصورة والسينما بل وتتطرق إلى الأدب أيضًا، ما يجعل من المهم أن نفهم الضرورة والتداخل والحدود لهذه التطبيقات والامكانيات المختلفة. ربما التطورات السريعة المتتالية لهاهي التي تخلق تلك الحالة من الذعر أو التساؤل لكن يجب تخطيها سريعا إلى درجة أخرى من الفهم والتطبيق. وفي رأيي التطبيقات الإلكترونية على اختلافها ستزداد تداخلا مع حياتنا الواقعية وهو ما علينا الإسراع في تقبله وبداية خلق تشريعات تساهم في تنظيم العمل بها.
- عن حروب الهوية والتاريخ والجغرافيا، حدثينا، كيف يشعر المبدع بـ "الخلاص"، وهل ينتهي حلم الكاتب بانتهاء العمل الفني؟
الإبداع ينتج عن الانشغال في المقام الأول، والبحث عن إجابات أو حتى طرح تساؤلات، سواء في الأدب أو السينما فهو من شأنه التعبير عن مكنون المبدع وانشغالاته، وإذا وجدت الإجابة أو انصرف هذا الانشغال توقف الإبداع، لذلك "الخلاص" كلمة بعيدة بشكل كبير عن الأدباء وصناع السينما، لان الحياة دائما ما تولد تساؤلات جديدة وانشغالات مختلفة. في اللحظة التي تتوقف فيها هذه الانشغالات بالتأكيد يكون الخلاص، وتكون نهاية للمسار الإبداعي سواء للكاتب أو الشاعر أو صانع الأفلام.
- أميرة الابنة الكبرى للمبدع إيهاب دكروري، حدثينا عن المبادئ التي تركها الأب في روح ابنته سواء بالسلب أو بالإيجاب؟
محظوظة بهذه البنوة، فإيهاب دكروري شخصية ثرية على المستويين المهني والإنساني، أنا أكثر اخوتي تأثرًا به ليس فقط من خلال المبادئ التي اهتم بغرزها فينا وإنما من معايشة شخصية ثرية والتأثر بخياراته في القراءة، الحديث، اختياراته لأصدقائه، الشخصيات التي يقدرها بل والتي يبغضها، وفي اعتقادي هذه المعايشة كانت الأهم في تكويني، كما أني كنت محاطة ببيئة تهتم بالثقافة وبالأدب والفن، أمي سحر عبداللطيف أستاذ تاريخ الفن بكلية الفنون الجميلة كان لها دور كبير في دعم هذه التنشئة، أما عن المبادئ التي اهتم بشكل واضح بغرزها أهمها احترام الذات والمهنية; هاتان النصيحتان هما اللائي يوصيني بهما دائمًا، وأحاول جاهدة أن أطبقهما وأن أسير على خطاه.
- تدرسين بالجامعة الأمريكية، فهل هناك ثمة تلاقي بين المبدعين من خريجي الكليات المصرية وخريجي الجامعات الخاصة والأجنبية في السرود، النصوص أو الفنون؟
الإبداع واحد، فالمبدع يجد طريقه سواء كان أميًا أو متعلمًا أو خريجًا لاحدى الجامعات الخاصة، هذا لا يؤثر في الإبداع وإنما قد يؤثر في الفرص التي تتاح للمبدع أو في التجارب التي يتعرض لها. فكلٌ في النهاية ابن تجربته وابن بيئته والمبدع الحقيقي يكون قادرًا على التعبير عن نفسه وعن بيئته بطريقته الخاصة التي لا يتشابه فيها مع أحد.
- كان لك مشاركات فاعلة من خلال جريدة القاهرة الثقافية، كيف تقيمين المشهد الثقافي المصري والعربي؟
بداية عملي الصحفي كان بجريدة القاهرة، أثناء رئاسة أ.سيد محمود لتحريرها، كنت متدربة في سنواتي الجامعية الأولى، ثم عملت لسنوات في بوابة الأهرام، وعدت ضمن هيئة تحرير جريدة القاهرة مع رئاسة أ.زين العابدين خيري لتحريرها، لذا اتيحت لي فرصة محاورة عدد كبير من أبرز مبدعينا المصريين والعرب، واعتبر جريدة القاهرة واحدة من المحطات التي اتذكرها بالامتنان دائمًا ولأساتذتي الذين منحوني الفرصة والإرشاد والتدريب. ومن خلال مشاهداتي واختلاطي بالوسط الثقافي أستطيع التأكيد على أن المشهد الثقافي في مصر ثري جدًا، فبالرغم من تنامي أوساط ثقافية في كثير من الدول وضخها للفعاليات والجوائزلكن تلك الفعاليات والجوائز تستند بشكل أساسي على المثقفين في مصر، وحاليا في ظل ظروف اقتصادية صعبة لازلنا نجد تجارب مختلفة وجديدة لدور نشر جديدة، فالإبداع المصري لا ينضب بل يشتد ويزهر.
- تشاركين مع د. صفاء النجار في مسار إعلامي آخر مرتبط بالصورة والسوشيال ميديا، كيف تقيمين التجربة من خلال برنامج «أطياف»؟
البرنامج من المحطات المهمة والممتعة بالنسبة لي، وجوده يساهم في سد الفجوة بين النخبة المثقفة والمشاهد العادي، خاصة وأن هناك ندرة حقيقية في البرامج الثقافية، التي من شأنها استعراض الأوضاع الثقافية المختلفة ومناقشة الأعمال الإبداعية وهو ما يحاول “أطياف” تقديمه، من خلال موضوعات مختلفة وضيوف منتقاه، وأتمنى أن يساهم في خلق حالة صحية في الحياة الثقافية خاصة مع وجود إعلامية مثقفة تعي هذا الدور جيدًا مثل د. صفاء النجار، التي أسعد بالعمل معها، وكاتب مهني يدرك قيمة المبدع مثل زين العابدين خيري رئيس تحرير البرنامج.
- عن ماهية الجوائز في الآداب أو الفنون، هل هناك ثمة عتبات تتكئ عليها لجان التحكيم فيما يخص المنح والحجب؟
لكل جائزة أهدافها التي تختلف عن الأخرى سواء في الأدب أو السينما، وأيضًا نزاهة الجوائز تختلف من مسابقة لأخرى وفي الغالب تكون معروفة مسبقًا، لذلك أعتبر القوائم القصيرة مثلا فوزًا لكل من فيها، أما الفائز الأخير فيخضع لذائقة التحكيم ومعايير الأهداف المختلفة التي ليست بالضرورة أن تكون فاسدة هي فقط تدعم قيمة معينة في الوقت الراهن.