بالفنون الإسلامية.. قرية شما بالمنوفية تصنع وتصدر كسوة الكعبة المشرفة

تعد الكعبة المشرفة من أعظم الآثار المقدسة التي يأتي إليها أفواج كل عام، سواء لموسم الحج أو العمرة وتعد كسوة الكعبة، من أندر وأهم الصناعات التي انفردت بها مصر منذ القرن الثاني الهجري حتى القرن السادس الهجري، كانت تصنع في منطقة الخرنفش بجوار مسجد الحسين ولكن في أوائل الستينيات أنشأت السعودية مصنع كسوة الكعبة، وكان يتم تسليمها وإرسالها في موكب مهيب كل عام من القاهرة إلى مكة وكانت آخر سنة تم تصنعها وإرسالها هو العام 664 هجريًا.

وأكد نصر نوح والمقيم بقرية شم التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية واحد العاملين بصناعة "السيرما"، أنه يعمل في فن "السيرما" اليدوي منذ أكثر من 27 عامًا وتنقسم صناعة "السيرما" إلى نوعين هما شغل عثماني والآخر شغل مكي، الشغل العثماني بكسوة الكعبة يتضمن ستائر وأحزمة، أما الشغل المكي فيتضمن النسخة طبق الأصل من كسوة الكعبة، وتصنع منه باب الكعبة وحزام أعلى الكعبة المشرفة والقناديل التي تضمن نوعين "يا حي يا قيوم" قناديل أخرى تحمل "يا رحمن يا رحيم" وأخرى "الحمد لله رب العالمين".

وأضاف نصر نوح، أحد العاملين بورشة "السيرما" لصناعة كسوة الكعبة المشرفة: "شغل الكسوة يتضمن ثلاث مراحل، أولها تتم الاستعانة بالخطاط لكتابة الكلمات التي سيتم نسجها على القماش، وبعد الكتابة يتم قص الكلمات على مادة بلاستيكية وقص ورق الكرتون ووضع مادة عبارة عن لون حتى تظهر الكلمات التي تم تحديدها، وبعدها يتم شد القماش الدمور على المنسوج ويتم طبع الرسمية ويتم وضع طبقات القماش ونسج الكلمات الخيوط المخصصة.

وتعد قرية شما من القرى التي تنفذ وتعمل بكسوة الكعبة منذ أكثر من 60 عامًا، وبها مجموعة من الورش تتخصص في نسج السيرما، ويستخدم العاملون ثلاثة أنواع من الخامات النوع الأول هي خيوط القصب، والثاني خيوط الخشمان، وخيوط السلك من النحاس المعالج أحيانا يتم النسج بخيوط فضه مطعمه بالذهب على حسب طلب الزبائن، وأكد أن كل الشغل العثماني والمكي الذي يتم في ورش قرية شما هو شغلًا يدويًا 100٪.

وأكد أصحاب إحدى الورش أنه يتم تجهيز كسوة الكعبة كل عام بقرية شم في مده لا تتعدى 45 يومًا يتم تصنعها بالورشة ووقف كل الطلبيات الأخرى حتى يتم الانتهاء منها ويعد يوم الانتهاء يبتهج فيه الثلاثة عشرة عمال بالورشة ويتم تغليفها وتعطيرها استعدادا لإرسالها كل عام قبل موسم الحج بشهر كامل، على حسب طلب صاحبها.

وأكد محمد صاحب ورشة كان والذي يعمل في مجال فن "السيرما" منذ عام 1990 تقريبًا ولفت إلى أن كل الشغل الآن ومن سنين شغل إسلامي يدوي، سنة 1990 كانت بداية، والذي مع هذه الحرفة كان العمل بهذه الحرفية يقتصر على بادج ورتب عسكرية وكابات.

حتى قاموا بتطوير عملهم وادخلوا به الآيات القرآنية والتي تعد عبارة عن آيات معينة مثل، آية الكرسي وأسماء الله الحسنى وآيات "من يتقي الله" وطبعًا لفظ الجلالة، ومحمد - صلى الله عليه وسلم- وتقليد ستارة باب الكعبة بمقاس متر ومترين وثلاثة أمتار، مع بعض الآيات القرآنية وكان الشغل فيه إتقانًا عاليًا وكانت خامات الشغل يقوم والذي بشرائها من الموسكي "خشخان هندي" وقصب سباني وكان متوافراً بكثرة.

أما الآن يوجد صعوبة كبيرة في العثور على الخامات، وأضاف صاحب إحدى ورش "السيرما" بقرية شما أنه في عام 2004 جاء إلى مصر إخوة من سوريا وبدأنا نشتغل كسوة "الكعبة العثماني" وكنا نشتغل بالفضة وكانت تكلفتها عاليه، ولكن كان فيها ربح ومن وقتها نشتغل بخيوط السلك نعمل تقليدًا لكسوة الكعبة العثماني وأيضًا نعمل كسوة الكعبة الحالية بنفس المقاسات والإتقان لكنها طبعًا تقليد وتباع خارج مصر.

وأكد صاحب إحدى ورش "السيرما" بقرية شما: "أنه من المعروف أن دخلها ما يفتحش بيت وكل من يعمل معي الآن كلهم عندهم شغل تاني وشغلي يعتبر بحسن دخلي، وأتمنى من الحكومة تحاول تساعد الحرف اليدوية ويعرفون مشاكلهم لأنها مشاكل كثيرة يصعب شرحها منها صعوبة الحصول على الخامات والتسويق برغم أننا نملك أمهر يد عاملة اليدوي بالعالم لو اتهمت بها الدولة ستكون مدخلًا لدخل دولار أساسي".