"الذهب الأبيض".. تفاصيل خطة تطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر
تعد صناعة الغزل والنسيج من الصناعات الاستراتيجية في مصر، حيث تشكل رافدًا هامًا للاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة من خلال التصدير، وتمتلك مصر ميزة تنافسية في إنتاج القطن عالي الجودة الذي يغذي هذه الصناعة، وبهدف استعادة عرش "الذهب الأبيض".
ولكن تواجه هذه الصناعة عدة تحديات تتعلق بالبنية التحتية والتكنولوجيا والمنافسة الدولية، لذا تبذل الحكومة المصرية جهودًا متواصلة لتطوير وتحديث هذا القطاع بشكل شامل ومتكامل، من خلال خطة استراتيجية تشمل عدة محاور ومشروعات، وفي هذا التقرير، نستعرض أبرز هذه المحاور والمشروعات وأهدافها وإنجازاتها.
صناعة رئيسية
تولي الدولة المصرية اهتمامًا خاصًا بملف تنمية وتطوير قطاع الغزل والنسيج ورفع قدراته التنافسية بشكل يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة الصادرات، كما تعمل على توسيع مساحة زراعة القطن وتحسين جودته وتطوير منظومة جديدة؛ لاستلام وتجارة الأقطان من المزارعين بنظام المزايدة.
وتقوم مصر أيضًا بتطوير سبعة محالج للقطن، تعمل بأحدث التكنولوجيا لتوفير القطن الخام اللازم للصناعة بجودة عالية وخال من الشوائب والملوثات، كما تؤسس كيانات متكاملة لصناعة الغزل والنسيج، مثل مجلس الصناعات النسيجية ومجمع للغزل والنسيج في مدينة السادات بالشراكة مع الصين، فضلًا عن تحديث البنية التحتية للمصانع وإعادة هيكلة الشركات وتدريب وتأهيل العاملين في هذا الشأن.
تحديات كبيرة
أما عن التحديات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج في مصر، يقول عماد عبدالكريم، الخبير في صناعة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، إن أبرز أسبابها هي استمرار عمليات تهريب الأقمشة والغزول سواء من خارج البلاد أو من بعض المناطق الحرة، ما يؤثر على المنافسة والأسعار، وأيضًا ضعف الرسوم الجمركية على الواردات من مشتقات الصناعة، ما يفتح المجال للمنتجات الأجنبية بأسعار أقل.
ويقول الخبير في صناعة الغزل والنسيج في حديثه لـ"الدستور"، إن الاعتماد على الملابس التقليدية وعدم مواكبة الأزياء العالمية يؤثر بشكل كبير على غياب جذب المستهلكين والمستوردين للصناعة المحلية، في الوقت الذي تمثل فيه صناعة الغزل والنسيج قطاعًا حيويًا واستراتيجيًا للاقتصاد الوطني.
ويستكمل: "تبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة لتطوير هذا القطاع بشكل كبير، من خلال خطة استراتيجية تشمل عدة محاور ومشروعات، مثل توسيع زراعة القطن وتحسين جودته، وتطوير محالج القطن والمصانع والآلات، وإنشاء كيانات متكاملة لصناعة الغزل والنسيج، وإعادة هيكلة الشركات وتدريب العاملين، وزيادة التسويق والصادرات".
ويضيف: "كان تم توقيع عقود توريد لأحدث الماكينات في صناعة الغزل والنسيج من كبرى الشركات العالمية، بقيمة 540 مليون يورو، فضلًا عن إطلاق مجلس الصناعات النسيجية لتنسيق جهود التطوير والترويج لهذه الصناعة، وتم إطلاق علامة تجارية لمنتجات القطن المصري تحت اسم (نيت)".
وفي ختام الحديث، يتوقع "عبدالجليل" أن تؤدي هذه الخطة إلى رفع قدرات القطاع التنافسية على المستويين المحلي والدولي، وزيادة حصته في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص عمل جديدة، ودعم التنمية المستدامة في مصر.
تطورات ملحوظة
يُذكر أن الدولة المصرية نجحت مؤخرًا في إنشاء وتشغيل أول محلج مطور للقطن في الفيوم بتكنولوجيا حديثة وطاقة إنتاجية 5 أطنان/ ساعة، وجار تطوير 6 محالج أخرى في الزقازيق وكفرالدوار وكفرالزيات، كما تم الانتهاء من إنشاء وتشغيل أكبر مصنع غزل في العالم في المحلة الكبرى بتكلفة 2.5 مليار جنيه، وبطاقة إنتاجية 30 ألف طن سنويًا، وبأحدث المعدات الأوروبية.
ونجحت مصر أيضًا في تحقيق عائدات قياسية من صادرات الغزل والنسيج خلال الربع الأول من عام 2022، بلغت نحو 500 مليون دولار، بزيادة 20% عن نفس الفترة من عام 2021، كما تم إطلاق مجلس الصناعات النسيجية لتنسيق جهود التطوير والترويج لهذه الصناعة، وتم تخصيص 21 مليار جنيه لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام في هذا المجال.
ومن خلال التعاون مع الصين، تم إنشاء مجمع للغزل والنسيج في مدينة السادات على مساحة 3.1 مليون متر مربع، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف طن سنويًا، وبتكلفة استثمارية تبلغ 9 مليارات دولار.