"أفلام الواقع العلمي"..
خطورة الذكاء الاصطناعي.. قادر على محاكاة البشرية وخداعها بتزييف عميق
التفت العالم مؤخرًا بشدة لما تشكله تقنيات الذكاء الاصطناعي من خطورة على الكرة الأرضية وعلى أهم ما بها وهو" العنصر البشري" ومستقبله، الذي بات مهددًا من قبل هذه التقنيات بعد ظهور بدائل وفرتها تحاكي البشر في العديد من الصفات تارة، وتخدع آخرين بنقل أخبار وصور وفيديوهات كاذبة تارة أخرى.
فتلك "فضة" و"ابتكار" مذيعتا الذكاء الاصطناعي اللاتي انتشرتا على وسائل الإعلام العربية لقراءة النشرات الإخبارية واللاتي لا يكاد مشاهدهم يميزهم عن نظرائهم البشريات، وهذه صور الملك "تشارلز" ملك دولة إنجلترا التي انتشرت مؤخرًا له وهو يرقص بملابس غير لائقة على الشاطئ بصحبة فتيات، وخدعت الملايين ليتبين في النهاية أنها قد أنشأت باستخدام تطبيقات هذا الذكاء الاصطناعي.
وتلك أول عقوبة على استخدام تطبيق الشات جي بي تي لأحد الصينيين الذي استخدمه في إثارة الذعر ونشر قصة أخباراً كاذبة عن حادث قطار بخلاف الحقيقة، ليصبح السؤال الدائر حاليًا إلى أين ستصل تطورات تقنيات الذكاء الاصطناعي من تطور وإلى أين سيصل معها الإنسان ومستقبله؟.
في إجابته على هذا السؤال قال الدكتور محمد حمزة خبير أمن المعلومات في حديثه لـ"الدستور"، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمثل خطورة كبيرة على البشر على الرغم من أهميتها الكبيرة في جميع نواحي الحياة، موضحًا أن أكثر الخصائص التي تتسبب في تلك الخطورة هي قدرة برامج الذكاء الاصطناعي على التذكر والفعل ورد الفعل، وهو ما يحاكي الطبيعة البشرية.
وتابع حمزة بقوله أن واحدًا من أبسط الأمثلة التي تعكس مدى خطورة تلك التقنيات هو ما حدث بإحدى شركات البرامج الإليكترونية وتصنيع الروبوتات في العالم، وذلك حينما استطاع أحد الروبوتات التحدث إلى آخر بلغة غير مفهومة في مجال لغات البرامج جميعًا، والتوصل سويًا، ثم قيامهما بمسح كافة ملايين البيانات الخاصة بالشركة وإتلافها ما جعل مالك الشركة يفقدها بالكامل.
وذكر محمد ما يسمى بالتزييف العميق والذي يتم كذلك من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي موضحًا أن الأمر فيه لا يتوقف على تزييف صور مثلما حدث مؤخرًا مع صور الملك تشارلز، بل يتعدى ذلك إلى التزييف في الفيديو، ومحاكاة جميع تفاصيل الشخص من حركة وصوت وتفاصيل الوجه، مما يتسبب في خداع فيديو بالكامل للأشخاص.
وتابع أن الأخطر من ذلك هو أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على ما يسمى باستخدام 3d printer، موضحًا أن تلك الطابعة يمكنها استنساخ الأصل من أي صورة أو هيكل يتم إدخاله بها حتى ولو هيكل الإنسان، فتدخل بها النسخة الأصلية من ناحية وتخرج المستنسخة "طبق الأصل" من الناحية الأخرى، مشيرًا إلى أن قد تم التوصل إلى صناعة هذه النسخ باستخدام مادة السيليكون مثلما نشاهد ما يحدث في دول مثل الصين وغيرها مثل الدمى التي تشبه طبق الأصل البشريين.
أكد حمزة على أن خطورة هذا الأمر تتمثل في قدرة استخدام الذكاء الاصطناعي لهذه النسخ من شكل أي إنسان ووضع شرائح إلكترونية محملة بذاكرة أي إنسان واستخدامها في الخداع بأنه بشري.
ولفت إلى أن الاستنساخ لا يتوقف على الإنسان فقط بل من الوارد استنساخ أسلحة وممنوعات مما يهدد حياة البشرية أجمع، ولفت إلى أن الأزمة تتشكل هنا في صعوبة تحديد من المسئول في جرائم الذكاء الاصطناعي عن الجريمة، ومن سيجب أن توقع عليه العقوبة؟ لذا أشار بضرورة وضع قوانين خاصة بهذا النوع من الجرائم أكثر تفصيلًا وملائمة لما يحدث في هذا الشأن.
وعلى الرغم من ذلك لفت الخبير التكنولوجي أنه علينا الاعتراف بالأوجه الإيجابية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في كافة مجالات الحياة، مشيرًا إلى أهميتها الكبيرة في تحقيق التطوير في العديد من المجالات بتوفير الدقة والسرعة والإنجاز وغيرها من المميزات الأخرى مشيدًا بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتحول الرقمي في جميع مؤسسات الدولة والاهتمام بتطوير هذا التحول باستمرار.
جدير بالذكر أنه وفي مقال رأي له كتب إليعازر يودكوسكي، المؤسس المشارك لمعهد أبحاث ذكاء الآلة (MIRI) بمجلة تايم، موضحًا سبب عدم توقيعه على عريضة تدعو جميع مختبرات الذكاء الاصطناعي إلى التوقف فورًا لستة أشخاص على الأقل، قال فيها أن الرسالة، التي وقعها ستيف وإيلون ماسك، تطلب القليل جدًا لحل المشكلة التي يطرحها التطور السريع وغير المنضبط للذكاء الاصطناعي.
وتابع أن النتيجة الأكثر ترجيحًا لبناء ذكاء اصطناعي خارق للبشر، تحت أي شيء بعيد مثل الظروف الحالية، هو أن كل شخص على وجه الأرض سيموت حرفيًا موضحًا أن النجاة من المواجهة مع نظام كمبيوتر، لا يهتم بنا ولا للحياة الواعية بشكل عام، يتطلب الدقة والإعداد والرؤى العلمية الجديدة، التي تفتقر إليها البشرية في الوقت الحالي بل ومن غير المرجح أن تحصل عليها في المستقبل المنظور.
وأكد أن الأخطر من ذلك وهو أن الذكاء الاصطناعي الذكي بدرجة كافية لن يظل محصوراً بأجهزة الكمبيوتر لفترة طويلة، بل أنه من الممكن بالفعل إرسال الحمض النووي الخاص بالأشخاص إلى المعامل لإنتاج البروتينات التي ستسمح للذكاء الاصطناعي ببناء أشكال حياة اصطناعية أو تمهيد مباشر لتصنيع الجزيئات ما بعد البيولوجية والخروج إلى العالم.
ووفقًا للباحث أنه لذلك يجب على الفور فرض حظر عالمي وغير محدود على الدورات التدريبية الرئيسية الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأ لا يكون هناك استثناءات، بما في ذلك الحكومات أو الجيوش.
كما أصر يودكوسكي على ضرورة توقيع الصفقات الدولية لوضع حد أقصى لمقدار قوة الحوسبة التي يمكن لأي شخص استخدامها في تدريب مثل هذه الأنظمة.
وأضاف أن التهديد من الذكاء الاصطناعي كبير لدرجة أنه يجب أن يكون واضحًا في الدبلوماسية الدولية بأن منع سيناريوهات انقراض الذكاء الاصطناعي يعتبر أولوية فوق منع التبادل النووي الكامل.