مريم حسين: عدم فوز كتاب بجائزة لا يعني أنه غير جيد (حوار)
كتبت مريم حسين 3 مجموعات قصصية منها غزل السحاب وسر السكر وغيرها، وفي هذا الحوار تتحدث عن مجموعتها الأخيرة "حتى فساتيني"، كما تطرقت للعديد من الأمور التي تفند كتابتها ورؤيتها لهذا العالم.
- بعد صدور مجموعتك الثالثة "حتى فساتيني" حدثينا عن دوافع المشاركة في هذا العمل القصصي مع أكثر من كاتبة؟
جذبتني فكرة الاشتراك في إنتاج مجموعة قصصية تدور قصصها حول فكرة واحدة – حتى لو اختلف التناول – وتكون تلك الفكرة عن الملابس والموضة، تحمّست للفكرة برغم عدم انحيازي لفكرة الورش الأدبية، أنا أرى دائما أن الكاتب تنقص تجربته كثيرا إذا لم يكتشف أغواره بنفسه فقط اقرأ كثيرا تناقش فيما قرأت، استشعر ما حولك من أحداث وشخصيات في ظروف وأوضاع مختلفة ومستويات متنوعة.. بالنسبة لي تلك هي الخبرة والتجربة.
وتضيف "مريم حسين": "أثارت قصتي "اختلط علينا الأمر" العديد من التساؤلات داخلي ليختلط عليّ الأمر أنا أيضا".
وتضيف الكاتبة والسينمائية والموسيقية مريم حسين متسائلة، هل تشعر بنا الملابس؟ الملابس تحديدا تلمس أجسادنا وانفعالاتنا وأنفاسنا، هل لدى الملابس ذاكرة تخص كل من يرتديها؟ وهل إذا ارتداها شخص أخر تحتفظ بتفاصيل الأول أم تنساه أم يختلط عليها الآمر؟
- في مجموعتك الثانية "سرّ السكّر" الصادرة عن دار ميريت هناك حنين لعوالم بعينها في السينما والزمان والمكان.. كيف ترين هذه التجربة بعد مرور 4 سنوات ؟
بعد 4 سنوات أرى أنها تحتاج الكثير من التعديل، كما أنها كان من الممكن أن تكون رواية بسهولة.
- في مسارك السردي هناك تأثر واضح بالسينما.. فكيف تشكلت تلك الرؤية؟
تربيّت في بيت يعشق السينما وكان أبي ذو ثقافة سينمائية واسعة ومتنوعة، تربيت على سينما داوود عبد السيد، خيري بشارة، محمد خان، عاطف الطيب، بعد الثانوية العامة التحقت بكلية التربية النوعية قسم تربية موسيقية، ثم التحقت بعدها بالمعهد العالي للسينما قسم سيناريو وصدقا دراسة الموسيقى أفادتني في الكتابة كما السينما، في دراسة الموسيقى أنت تتحول من فقط مستمع لمحلل لكيف تتكون الأصوات ، كيف تستشعر الإيقاع وتستنتجه، كيف تميّز درجات الصوت، أما أكثر ما تأثرت به في دراسة السينما هو التلاعب بالزمن وشكل السرد والجرآة في القفزات الزمنية لكني انتبهت لأن الصورة في السينما مغرية للغاية وتختلف كثيرا عن الصورة في الأدب وكان لابد أن أعي ذلك جيدا.
- عن الراحل العظيم الروائي حسين عبد العليم الأب والصديق والسارد المغاير.. هل هناك تأثر بتلك المتون السردية فيما يخص خروقاتك و خروجاتك عن المألوف؟
تأثرت بكتابة حسين عبد العليم، فهي كتابة ناصعة كسن إبرة جديدة، لكن الخروقات والخروج عن المألوف لدي لا يمكن أن يكون بسبب فقط التأثر بكتابة أديب واحد أو تجربة واحدة، هذا نتاج تجارب وخبرات وتكوين وجداني على مر ثمانية وثلاثين عاما.
- ماذا تريدين إضافته في هذا الإطار فيما يخص سيرة ومسيرة الكاتب الكبير الراحل حسين عبد العليم؟
قبل صدور الأعمال الكاملة له القصصية والروائية، كنت أشعر أنني شخص أمعاؤه مدلّاه من جسده، لايدري كيف يلملها، أردت طوال الوقت إدخال أمعائي في التواءاتها وأحيك جلدي وأمسح أثر الدماء، كان ذلك لن يحدث إلا بجمع أعماله كاملة في جهة تابعة للدولة يقدر على شرائها البسطاء الذي طالما كتب عنهم، واجعلني أخبرك عن تجربة أدهشتني كيف هي مفيدة.. حسين عبد العليم لم يكن يحتفظ بنسخة مكتوبة على جهاز كمبيوتر لأعماله، فوجدتني مضطرة لكتابة 13 كتاب حاول بعض الأصدقاء مساعدتي، لكني تراجعت، فهذه ليست نصوصي ولن أستطع تمييز أي تغيير ما أو خطأ، لذا أن تحب كاتبا وتقرأ له كثيرا وتعيد القراءة من حين لأخر فهذه تجربة، أما عندما تكتب تلك النصوص التي تحبها فهذه تجربة مختلفة وشديدة الثراء وتعيد اكتشاف الكاتب الذي تحبه وتعيد اكتشاف استيعابك للنص.
- في كتابتك وبشكل عام هناك نوع من التجريد والخصوصية فيما يخص مشاعر المرأة وحواسها، فساتينها وملابسها، حدثينا عن تلك التجربة وهل هناك بالفعل ما هو مرتبط بخصوصية الكتابة الأنثوية أم أن لك رأي أخر فيما يخص السرد الروائي؟
الإجابة على هذا السؤال ببساطة شديدة تتلخص في كلمتين “الفكرة ، والاستشعار” الفكرة تعني عن ماذا سأكتب، سيدة، فتاة، رجل، عفريت، الاستشعار هو الردار الحسي عندي ككاتب، التقاط التفاصيل التي تخص الفكرة "أيا كانت"، يمكن صادف فقط أن تتعددت الأفكار التي بطلتها سيدة أو فتاة ليس أكثر.
- عن دوافع الكتابة بشكل عام، هل كان ثمة تأثر بكاتب أو كاتبة مصرية أو عالمية كان لها / له دور في تأثرك بعالم السرد؟
كل كاتب أو كاتبة أحببت كتابتهم أوتحديدا اندهشت من كتابتهم أثر في وجدانيا وبالتالي ساهموا في تشكيل عالمي السردي . لكن ثمة كعوب كتب عندما ألمحها قابعة في المكتبة ابتسم منهم "يحيى الطاهر عبد الله، يوسف أبو رية، إبراهيم أصلان، البساطي والمخزنجي، ميرال الطحاوي، تشاك بولانيك، سوزانا تمارو، علي منصور، بسام حجار، الماغوط، لوركا".
- ماذا عن دراستك وتأثيرها على نصوصك؟
في عامي الثالث في الكلية كنت أجلس أعزف تشيللو وهو آلة تخصصي، وفي لحظة تعافيت على تر، تحديته لأصدر النغمة بالقوة التي أريدها، رد عليّ الوتر بأنه انقطع لاطما خدي الأيسر مسببا جرح بسيط، أدركت حينها أن الأمر "هات وخد"، كذلك المعيشي والذاتي والفني والإبداعي، هات وخذ، ثمة ميزان منتبه ليحقق التوزان بين العالمين معظم الوقت، لا يجور عالم على الأخر ، فالعلاقة هنا تبادلية أما عن الوحدة والصمت والبلاغة فهي طرحت لتتبع فكرة النص وليست سمة لكتابتي.
- حدثينا عن رؤيتك للمشهد المصري السردي والعربي وكذلك العالمي خاصة فيما هو مرتبط برواية المرأة
لو على رواية المرأة فهى أخذت نوبل، اقتنصتها آني أرنو في الثمانين من عمرها، أخذتها لأنها تكتب جيدا وليس لأنها مرأة أو هكذا أعتقد.. أما عن المشهد السردي في مصر، إبداعيا هو ثري ومتنوع وفي ازدياد، لكن صعوبة النشر تنغص حلوق الكثيرين باختلاف أعمارهم، كما أنني أحزن عندما أرى كاتب / كاتبة يفرح بشدة عندما يعلم أن عمله الإبداعي قد قُرأ من أفراد خارج الوسط الثقافي.. هذا يعني لنا الكثير جدا، أحزن وأتساءل ألهذه الدرجة نحن فاقدين التواصل مع الشارع، بالطبع ليست مسؤليتنا وحدنا خاصة أننا شعب فقد عادة القراءة منذ عقود.
- فيما يخص مسألة الجوائز في الوسط الثقافي المصري.. على أي العتبات تتكيء لجان التحكيم والجوائز فيما يخص مسألة المنع والحجب؟
عدم فوز نص ليس معناه على الإطلاق أنه ليس نصا جيدا، أما عن العتبات فأعدك عندما أكون في لجنة تحكيم سوف سوف أخطو العتبات واكتشفها.
- عن مفهوم الخلاص الوجودى فيما يخص الفن والسرد، هل ينتهي دور الكاتب مع انتهاء كتابة نصه، أما هناك أبعاد أخرى؟
بالنسبة لي نتنهي علاقة الكاتب بنصّه عندما يسلّمه لدار نشر، لأنه في نفس اللحظة ويمكن قبلها بقليل أو بعدها بقليل، تلوّح له عن بعد فكرة جديدة، فقط يستعيد علاقته بالنص كلما حدثه أحد عنه سواء بانطباع سيء أو جيد، وأحيانا تتبخر بعض تفاصيل النص كأسماء الشخصيات مثلا.
- كان هناك عمل أول صدر لك باسم "غزل السحاب" وهو الصادر من دار ميريت.. كيف كان التفاعل النقدي معه وتفاعل القارىء معه؟
دعنا لا نتحدث عنه، أنا أحاول نسيانه.
فقط أمزح، هو تجربة أولى بكل أخطاء التجربة الأولى، ولم يكن التفاعل معه قوي.