بيتر ماهر: قصص يحيي الطاهر لم تخلو من دهشة القروي البسيط بالحداثة
تحدث القاص بيتر ماهر الصغيران لـ “الدستور” عن الكاتب يحيي الطاهر عبد الله، مشيرا إلي أنه من أهم الأصوات الأدبية التي ظهرت في ستينات القرن الماضي.
إذا أردنا وضع بعض الملامح العامة لأعماله الأدبية سنجد أن القرية في صعيد مصر، من أهم المحاور التي ارتكزت عليها أعماله، وإن كانت رواية (الطوق و الأسورة) هى المثال الأشهر على ذلك .
مع ذلك يوجد بعض الأعمال التي ابتعد فيها عن القرية؛ لكنها لم تخلو من دهشة القروي البسيط بالحداثة
وأوضح “الصغيران”: من أهم مجموعاته القصصية المتميزة، مجموعة (أنا و هى و زهور العالم ) التي تميزت بعدد من الخصائص نذكر منها: الصوت الهامس أو الشاعر فلم تكن الجمل تسير لديه في مسارها الاعتيادي التقليدي؛ بل كان يغلفها بلغة شعرية .
من ضمن ما يمكن اعتباره أحد أهم الخصائص العامة لقصصه،هو اهتمامه الخاص بالطبيعة حيث جاءت أحداث قصة (الشجرة) كأول قصص المجموعة، بفكرة رمزية عن الأم مع ربطها مع النبات للدلالة على الخير و العطاء .
مع تكرار الحديث عن الحب الضائع وسط ظروف الحياة ؛ لتعبرعن هذا المعنى القصة التي سميت بها المجموعة بالتفصيل نقرأ بها: "كنا بالحديقة أنا و هى ..كنت طامعاً في علاقة تربطني بها"
كرر نفس العبارة أكثر من مرة؛ كأن الحديقة هى كل حدود العالم ،بينما الزهور هى كل الجمال الذي ينشده الإنسان، ولم يعد يعنيه من العالم أى شىء اَخر .
ويضيف “الصغيران”: خاضت القصص في العديد من تفاصيل الحياة اليومية بالعاصمة ،بداية من قصة (يوم الأحد) حيث تم استحضار أحد مشاهد الموت ، عند حديثه عن شاب صدمته سيارة ملاكي .
انقسمت القصة إلى عدد من الانطباعات ،بداية من التفاف الناس حول الجثة، ثم تعليق أحدهم على الحدث _أن موت الشباب أصبح حدثاً عادياً _ ثم قام بالتركيز على ذكر ماركة السيارة ( فيات) التي ارتكبت واقعة الاصطدام ، ليقسم لنا الفئات التي التفت إلى طبقات ؛ لكن جميعها لم تخرج عن الطبقة المتوسطة فما أقل .
ينتقل بعد ذلك إلى عدد من القصص الانطباعية التي يقل بها الأحداث ؛ لكن يكثر بها المشاعر المتناقضة ، من ضمن الأمثلة على ذلك قصص مثل :(البكاء و الثالث) التي تحكي عن زوجة لديها ابنه تتذكر زوجها الذي توفى ؛ لنعيد النظر إلى عنوان القصة من جديد ، مع فهم وضع كلمة (الثالث) رغم أن القصة عن زوجة و ابنة !
فقد كان الأب هو الحاضر الغائب طوال أحداث القصة ، ظلت الزوجة تحكي إليه مع تواصل البكاء على الماضي .
(الطراد و المطر) كما ذكرنا أن الطبيعة لدى (يحيي الطاهر عبدالله) جزء من تكوينه القصصي ،يخرج في أشكال مختلفة ؛ فالمطر هنا قد شاركه حزنه .
(تلاوة ماسونية) قسمها إلى أجزاء ، تبدأ من سرد عادي ،يحكي عن حدث ركوب مواطن يدعى (أحمد) للأتوبيس ، حيث ظل يجاهد حتى يندس وسط الركاب ، كتب عن ذلك :
جاهد (أحمد) و تمكن من كرسي.
ثم يستكمل مطوق باللحم الحى و الدم الساخن و العرق و الروائح الطيبة و الخبيثة .
الجزء الاَخر من القصة ، استخدام فيه أسلوب مخاطبة الضمير ،مع تيار الوعي باستخدام الحوار الداخلي عن صراع يومي معتاد .
الجزء الأخير من المجموعة ، جاء عبارة عن عدد من القصص ،التي دارت في عالم اللامعقول أو العبث ،حتى عناوين القصص مثل (فانتازيا .. العنف القبيح ) جاءت كخليط من الحلم و الواقع .