فى اليوم العالمى للرقص.. شذى يحيى: الرقص الشرقى ظاهرة ما زالت محتقرة ومرفوضة
يحتفل العالم باليوم العالمي للرقص، وهو اليوم الذي يوافق مولد مصمم الرقصات الفرنسي جورج نوفر المولود في 29 أبريل 1727 بباريس، والمتوفى في 19 أكتوبر 1810، وكان أستاذا لرقص الباليه ابتداء من أربعينيات القرن الثامن عشر وقد اختار هذا اليوم وحدده "مجلس الرقص العالمي" اقترح هذا اليوم ليكون عطلة رسمية في 1982 من قبل لجنة الرقص الدولية في معهد المسرح الدولي التابع لليونسكو.
أما عن تاريخ الرقص الشرقي فهو أقدم بقرون من الاحتفال بيوم الرقص العالمي في التقرير التالي نرصد أهم الكتب التي تناولت تاريخ الرقص الشرقي.
الإمبريالية والهشك بشك
تقول الكاتبة والباحثة في التاريخ شذى يحيى "تاريخ الرقص الشرقى لم يكن الموضوع الذي أفكر فيه أثناء مرحلة جمع المعلومات والبحث الأولى للإمبريالية والهشك بشك دراسات علاقة المركز بالأطراف في الحقبة الإمبريالية كانت الموضوع الذى ابحث فيه وتحول مع البحث لدراسة تأثير وتأثر الفئات المهمشة وما يسمى البروليتاريا الرثة بالسلطة والحكم.
وأشارت يحيى إلى أن: "اقترحت بيسان عدوان مديرة دار ابن رشد فكرة كتاب عن الرقص الشرقى بسبب مقال كنت نشرته فى الهلال سنة 2015 عن راقصة مصرية في الجناح المصرى فى المعرض العالمى بشيكاغو عام 1893 ولأن الرقص الشرقي كظاهرة ثقافية كان جزءا من بحثي وتعبيرا قويا جدًا عن كيف أن حالة قد تكون مستهجنة في الظاهر من النخب استطاعت أن تتخطى زمانها ومكانها لتؤثر في مجتمعات بعيدة جدًا عنها على مستويات عميقة ومتنوعة في الأدب والمسرح والسينما والباليه، وتتعدى ذلك للأزياء وحركات تحرير المرأة، وينتشر باقتصاديات ومخترعات عصره وتطور وسائل الاتصال؛ ليكون أحد عوامل تغيير شكل المجتمع فى الغرب نهاية القرن التاسع عشر رغم علاقته الملتبسة دائمًا بالسلطة الذكورية والمؤسسات البطريركية.
وتابعت يحيى "أثناء هذا التأثير يتطور الرقص الشرقي وشكل الراقصة ونوع الموسيقى في الحواضن الجديدة ليعود عبر نفس وسائل الاتصال لموطنه الأصلي بشكل جديد يمحو الشكل القديم ويفرض نوع من الراقصة المثقفة العولمية؛ لكى تستطيع مواكبة الشكل الجديد بعدها يختفي هذا الجيل تحت وطأة أن المجتمع الشرقي رحب براقصات معينات وأقر التغيير، ولكنه ظل محتفظًا بنظرته السلبية تجاه المهنة والأداء وعموم جماعة الراقصات".
الرقص الشرقي ظاهرة ما زالت محتقرة ومرفوضة من الشرق والغرب على السواء، ومع ذلك فهي ضاربة بجذورها وبعمق فى التاريخ الاجتماعي ومؤثرة جدًا فيه له خصوصية كبيرة، الجميع يحب الراقصة الشرقية والرقص، لكن لا أحد يعترف بذلك.
ولفتت شذي يحيى إلى أن هناك مجموعة من أوائل أفلام أديسون بدايات الشرائط السينمائية كانت للرقص الشرقي لوحات المستشرقين.
أما عما يتناوله كتاب “الإمبريالية والهشك بشك"
يأتي كمحاولة أولية للبحث في موضوع شائك ومهم وهو علاقة الرقص القادم من الشرق على نظرة الغرب للشرق ونظرة الغرب لنفسه.
ويتحدث عن تاريخ الرقص الشرقي الذي شكل منذ حملة نابليون وما تلا ذلك من الهوس والولع الذى أصاب الكتاب والرحالة بالراقصات إطار معرفي للتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب على مستوى الأدب والفن التشكيلي والفوتوغرافيا وفنون الأداء، وحتى يومنا هذا استمر هذا الأثر على وسائل الاتصال الثقافي والمعرفي المختلفة، يكفى أن ترى الراقصة بشكلها المميز وزيها الشهير حتى تتداعى في ذهنك سلسلة من الصور النمطية تصف ألف ليلة وليلة والحريم، فالرقص الشرقي وإن لم يخلق حالة إيجابية من الفهم نظراً لطبيعته المرفوضة من الشرقيين والغربيين على حد سواء رغم ولعهم به كان مصداقاً لمقولة إدوارد سعيد "إن احدى إنجازات الإمبريالية أنها قربت بين أجزاء العالم وأنه لينبغي على معظمنا الآن، أن يعتبروا التجربة التاريخية الإمبريالية تجربة مشتركة"، ربما كان الولع بالرقص الشرقي واحتقاره فى نفس الوقت أحد أكثر الأمثلة وضوحاً على هذه التجربة.
أما لماذا هشك بشك فتقول الكاتبة شذى يحيي "هشك بشك فربما أكثر ما يصدق على المعنى أنها ليست مجرد راقصة بل هى المرأة اللعوب الخليعة الماجنة، المرادف الشعبي المصري للمصطلح الفرنسي Femme Fattele المرأة المدمرة التي تستخدم جسدها وسطوه أنوثتها فى تحقيق رغباتها ومكاسب تفيدها، فهو ليس مجرد نعت بالابتذال وسوء الخلق بل هو مرداف للشر والفجور.
وتردف الكاتبة شذى أن الهشك بشك هي النظرة التي دمغت بها الراقصة فى مجتمعها الشرقى الأصلي وهي لم تختلف كثيراً عن نفس النظرة التي دمغها بها المستعمر الأبيض عندما وصفها وكتب عنها كراقصة شرقية أو راقصة هز بطن، فكل الأدبيات الغربية قامت على فكرة نساء الشرق الساحرات المسكونات بالغواية والإغراء اللاتي يرفضهن الرجل الأبيض المتعفف صاحب القيم المسيحية السامية فى هذا تقول الباحثة ريتا فرج في مقالها "النسوية" ما بعد الكولونيالية تفكيك الخطاب الاستشراقي حول نساء الهامش".