الليثيوم اللاتينى يشعل ساحة الصراع بين واشنطن وبكين
قالت شبكة بي بي سي البريطانية، إن أكثر من نصف المخزون العالمي من الليثيوم يوجد في كل من الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، وهو ما أدى إلى جذب اهتمام المستثمرين والحكومات بتلك الدول.
وتسعى بلدان كالصين والولايات المتحدة إلى تأمين إمداداتها من هذا المعدن الذي يشكل أهمية كبيرة في صناعة البطاريات التي تُستخدم في السيارات الكهربائية، والتي تعتبر بدورها سوقًا مزدهرة يقصدها المزيد والمزيد من اللاعبين طوال الوقت.
يقول بنجامين جيدان، مدير برنامج أمريكا اللاتينية بمركز ويلسون في تصريحات لـ بي بي سي: "القوى الرئيسية تتصارع من أجل الحصول على المعادن الضرورية للتحول للطاقة النظيفة، وأمريكا اللاتينية هي ساحة المعركة".
ويضيف أن "الولايات المتحدة وصلت متأخرة إلى ساحة المنافسة، وواشنطن تشعر بقلق واضح، لأن الصين سبقتها في هذا المجال".
وقضت الشركات الصينية سنوات في البحث عن أماكن تحصل منها على موارد الليثيوم، الذي يطلق عليه اسم "الذهب الأبيض"، في أنحاء مختلفة من العالم، ولا سيما في أمريكا اللاتينية التي يوجد بها أكبر احتياطي عالمي من المعدن.
كما أصبحت المكسيك، رغم أن مخزونها يبلغ 1.7 مليون طن فقط، لاعبًا مهمًا في أمريكا الشمالية، ليس فقط لقربها الجغرافي من الولايات المتحدة وكندا، ولكن أيضًا لأنها أضحت مركز إنتاج للسيارات الكهربائية لا سيما بعد الإعلان الأخير عن أن شركات تصنيع سيارات عملاقة مثل تسلا وبي إم دبليو سوف تقيم مصانع هناك.
تشيلي هي ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم بعد أستراليا. وحتى الآن، لا يزال استغلال مواردها في يد الشركات الخاصة، لكن الخطة الجديدة التي أعلن عنها الرئيس غابريل بوريتش تهدف إلى تغيير ذلك الوضع لكي تستفيد البلاد من أرباح "الذهب الأبيض".
أغلب الأرباح التي تدرها معادن مثل الليثيوم لا تأتي من تعدين الخام، ولكن من القيمة التي تضاف إليه في سلسلة الإمداد - كاستخدام الليثيوم لإنتاج البطاريات الكهربائية على سبيل المثال.
يعتزم الرئيس التشيلي إقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص تحتفظ من خلالها الدولة بحصة مسيطرة، وتهدف إلى تعزيز التقدم في مجال التكنولوجيا لوضع تشيلي ضمن سلسلة الإمداد لصناعة مزدهرة.
بيد أن ذلك لن يكون تحديًا سهلًا، حيث إن هناك العديد من الدول التي تحاول الاستحواذ على شريحة كبيرة من تلك الكعكة.
حذرت الجنرال لورا ريتشاردسون قائدة القيادة الجنوبية للقوات الأمريكية من أن الصين "تواصل توسيع نطاق نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي والتقني والمعلوماتي والعسكري في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي"، خلال كلمة ألقتها أمام لجنة القوات المسلحة في الكونجرس في مارس وأضافت أن "هذه المنطقة تزخر بالموارد، وإنني لأشعر بالقلق إزاء النشاط الخبيث لخصومنا الذين يعكفون على استغلالها، متظاهرين بأنهم يستثمرون رغم أنهم في الحقيقة يستخرجون المعادن.
وفي إشارة إلى "مثلث الليثيوم" بأمريكا اللاتينية - الذي يضم الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي - قالت ريتشاردسون إن "السلوك العدواني للصين واللعبة التي تمارسها على الأرض فيما يتعلق بالليثيوم متقدمان للغاية وعدوانيان للغاية".
ومثلما تسعى الولايات المتحدة وغيرها من البلدان لتأمين استقلالها في مجال الطاقة، فإن الصين هي الأخرى تفعل الشيء ذاته منذ عدة سنوات، حيث تضع نصب عينيها أكثر المعادن المرغوبة من قبل التجارة العالمية، ومن بينها الليثيوم.
وتستثمر الصين، بقيادة الرئيس شي جينبينغ، في مشروعات كبرى متعلقة بالليثيوم في أمريكا الجنوبية.
وقد صرح وانج جوانجهوا وزير الموارد الطبيعية الصيني في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الرسمية "شينخوا" في أوائل يناير بأن "الصين تعتمد إلى درجة كبيرة على بلدان أخرى في تزويدها ببعض الموارد المعدنية المهمة، وبمجرد أن يتغير الموقف الدولي، فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد على الأمن الاقتصادي، بل وربما الأمن القومي".
وشملت خطة الموارد المعدنية الوطنية التي نشرتها الحكومة الصينية عام 2016 أربعة وعشرين معدنًا.
وتشمل تلك المعادن الحديد والنحاس والألومنيوم والذهب والنيكل والكوبالت والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة، فضلًا عن مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي والغاز الصخري والفحم. وتشير الخطة إلى أن المعادن المذكورة في غاية الأهمية "لحماية الأمن الاقتصادي الوطني والأمن الدفاعي الوطني وتطوير الصناعات الاستراتيجية الناشئة".