"صديق النار".. بدر عامل المسابك: حياتنا محصورة بين اللهيب وقسوة الحياة
بين حرارة النار ومشقة الحياة دائرة مغلقة، يقف بداخلها عامل المسابك ينظر إلى لهيبها ويحركها يمينا ويسارا، ثابتا على ذات المهنة القاسية ما يقرب 25 عاما.
"الدستور" عايشت أصعب المهنة الشاقة في رمضان، فمن داخل ورش المسابك لتسييح الخردة الحديدية يقف "بدر" عامل النار، لا يكترث لحرارتها ولا يخاف من لهيبها، وكانه اتخذها صديقته يعرف كيف تهدأ ومتى تغضب.
يقف عامل النار الأربعيني، في ذات الوقفة منذ 25 عاما، ليتذكر أنه اول ما جاء كان بعد انتهاء دراسته الإعدادية، ليعود لذات المكان مجددا كعمل دائم يكسب منه رزق وقوت يومه.
من غربلة التراب الحراري، حتى إذابة قطع الخردة، تدرج عامل النار في جميع المراحل بداخل المسابك، ليحفظ تلك المهنة عن ظهر قلب، ويتأقلم معها نفسيا وجسمانيا.
- ترويض النار لتشكيل المعادن
"محدش يعرف يقف الوقفة دي"، يحكي بدر عن النار بأنه مروضها، ليتقي غضبها، ويهيئها لتبتلع قطع النحاس الصلبة وتخرجها لينة وهينة بسيولة مائية ، تغلي كاللهيب وتضيئ كأقوى المصابيح من شده سخونتها.
"متى تغضب النار".. يوضح بدر، أن النار تبتلع كل شيء ولكن هناك بعض قطع الخردة اذا ألقيت بداخلها تتحول لقنبلة تحرق ما حولها، ولهذا لا يستطيع أي أحد أن يتعامل معها، فالأمر ليس بيسير ولا بهذه السهولة المتوقعة، ولكنها خبرة سنوات طويلة في ذات المهنة.
صهر الحديد يحتاج خبرة وصبر
ساعتين ونصف الساعة، تلك المدة التي تستغرها افران النار لتصهر مجموعة من الخردة في وقت متقطع، حتى لا يتعرض لعدد من المخاطر أقلها خطورة أن تشذ شرارة نارية وتصيب وجهه أو تقصد عينه، فلابد من توخي الحذر والحيطة لأقصى درجة.
" شغلنا مش سهل، و اضطرار ظروف الحياة"، ليختم بأنه على الرغم من قسوة عملهم إلا أن ليس لهم مهرب غيره، فاضطرار ظروف الحياة هي دافعهم لعمل هذه المهنة وهي ضاغطهم للاستمرار، ومازالت أعينهم تبحث عن مقصد يغير من حياتهم ويبرد من لهيب نار عملهم.