«دينية الشيوخ» تطالب جامعة الأزهر باستراتيجية وطنية لتطوير التعليم ومناهج البحث العلمي
دعا الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، علماءُ جامعةِ الأزهرِ الشريفِ، منبعُ العِلمِ النافعِ الذي يَقتبسُ منهُ الجميعُ، بالقيام بدَورِهم في معالجةِ قضايَا المجتمعِ والأُمةِ، وتقديمِ الجديدِ في فهْمِ الكتابِ والسُّنّةِ المشرّفَةِ، وذلكَ من خلالِ مشاريعَ قوميّةٍ واضحةِ آلياتِ التنفيذِ.
وقال عامر خلال كلمته في المؤتمرِ العِلميِّ الدوليِّ الخامسِ لكلية الدراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ للبناتِ بجامعَةِ الأزهرِ بالإسكندرية "مراعاةُ المقامِ وأبعادُهُ التَّداوليةُ في الفكرِ العربيِّ والإسلاميِّ"، اليوم، إنه لا بُدَّ من رصدِ القضايا المختلِفة وتقديمِ العلاجِ المناسبِ لها من الكتابِ والسنة، فمثلًا لا بدَّ من أنْ يكونَ لنا دورٌ في توعيةِ الناسِ بما عليهم في الأزمةِ الاقتصاديةِ الحالية ممَّا جاءَ به القرآنُ الكريمُ والسُّنةُ المطهرة.
ولفت عامر، إلى أن مراعاةَ المَقَامِ التي أُقيمَ المؤتمرُ من أجلِها تقتضِي أن تَضطلعَ الجامعةُ بمشروعٍ يقدّمُ تكشيفًا علميًّا وفهرسةً موضوعيَّةً جديدَةً للسُّنَّةِ النبويَّةِ، وثَمَّ محاولاتٌ معاصرةٌ لخدمةِ السنةِ كما في بوابةِ "خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز" للسنة النبوية»، و«مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف»، مشيرا إلى أنه لا بدَّ أن يكونَ للأزهرِ الشريفِ باعتبارِهِ قبلةَ العلمِ ذاتَ المنهجِ العلميِّ الوسطيِّ الرصينِ المتكاملِ- مساهمةٌ في إعادةِ تكشيفِ وشرحِ السنةِ النبويةِ وتقديمِ كنوزَهَا بما يناسبُ الواقعَ المعاصرَ، ومختلِفَ العلومِ والمجالات.
وأشار إلى أنَّه على جامعةِ الأزهرِ القيام بدورٍ فعَّال في تعليمِ الشبابِ إدراكَ الواقعِ، من خلالِ تقديمِ استراتيجيةٍ وطنيةٍ لتطويرِ التعليمِ والمناهجِ والبحثِ العلميِّ وخدمةِ البيئةِ وتنميةِ المجتمعِ بما يكونُ جِسرًا آمنًا يَعْبُرُ من خلالِهِ الشبابُ إلى مستقبلٍ صحيحٍ يُحقّقُ المقاصدَ الشرعيةَ العليا ويصنعُ حضارةً متميزةً، كما فعَلَ شيوخُنا وعلماؤُنا وآباؤُنا وأجدادُنا.
وأكد رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أن الإدراكَ العميقَ للأحوالِ والمقاماتِ هو الذي جعلَ علماءَ الأُمَّةِ منذُ عهدِ الصحابة رضوانُ الله عليهم يُفرّقونَ بين ما قامَ بهِ سيدُنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ باعتبارِه نبيًّا، وما صدرَ منه صلى اللهُ عليه وسلم باعتبارِه إمامًا للمسلمينَ، فبيَّنوا بهذا ما يجوزُ لأيِّ إمامٍ من أئمةِ المسلمينَ ورؤسائِهم وملوكِهم أن يجتهدَ فيه تحقيقًا للمصلحةِ العامةِ.
وأكد أن خصائصِ حضارتِنا جانبيْنِ؛ جانبًا حضاريًّا وجانبًا خُلُقيًّا، أما الجانبُ الحضاريُّ فهو التكاملُ مع غيرِها من الحضاراتِ وإفادتُها لا إبادتُها، والخلُقيُّ هو حفظُ حقوقِ الملكيَّةِ الفكريَّةِ، فحضارتُنا لا تسطو على تراثِ غيرِها وتَنْسُبُهُ لنفسِها، وها هو "المنطقُ" خيرُ شاهدٍ، لا تَزالُ حضارتُنا تنسُبُه إلى أرسطُو، وكثيرٌ مِن المثقفينَ، بل وبعضٌ مِن دارسي المنطقِ الأَرسطِيِّ لا يعلمُ ما أدخلَهُ علماؤُنا عليهِ من تنقيحٍ وتهذيبٍ، وإضافاتٍ لم يتطرقْ إليها أرسطو.علومُ حضارتِنا مبنيةٌ على هذهِ المراعاة؛ لأنَّها حضارةٌ عامةٌ لكلِّ البشَرِ، ومن فوائدِ المؤتمرِ التثقيفيةِ أنه يُنبّهُ شبابَنا إلى سبْقِ حضارتِهم الذي لا يُحسَبُ بالأيامِ ولا بالسنواتِ، بل بالقرونِ المتطاولةِ.