«ضبع الفالوجة الأسود».. حكايات الأميرالاى السيد طه
عن دار صفصافة للنشر والتوزيع صدرت حديثًا مذكرات الفنان الكبير فاروق فلوكس التي جاءت تحت عنوان «الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة»، وكتبها حسن الزوام.
يقول فاروق فلوكس: في هذه السنوات، كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها، انتهت بأكبر كارثة بشرية عندما ضربت أمريكا مدن اليابان بالقنبلة الذرية، انتهت الحرب لكن مصر لم تنهر أو تتعرض للفقر كما حدث في الحرب العالمية الأولى، فمصر كانت دولة قوية لديها دخل كبير وحكومة منظمة.
ويضيف: "في سنة 1949، كان عمري اثني عشر عامًا، لي صديق مقرب يهودي الديانة اسمه بنيامين، صبي شديد الذكاء والنظافة رغم أنه كان يعمل ميكانيكيًّا، وقتها كانت الوكالة اليهودية تقوم بتهجير اليهود إلى فلسطين بعد إعلان قيام دولة إسرائيل بناءً على وعد بلفور الشهير.
ويكمل: "في يوم من الأيام فوجئنا في بيتنا بطرقات على الباب في الساعة السادسة صباحًا، استيقظ أبي ليجد أمامه بنيامين يطلب منه أن يوقظني، دخل أبي وأيقظني، فوجئت بأن صديقي بنيامين يودعني لأنه سيهاجر مع عائلته، سألته: "إلى أين؟"، قال: "إلى مكان يسمى إسرائيل".
بكيت بكاءً شديدًا وسألت أبي عن إسرائيل فقال لي إنه كيان معتدٍ ومحتل يريد أن يغتصب أرض فلسطين.
هكذا كان القدر، الطفلان اللذان ترعرعا سويًّا قد يقفان في وجه بعضهما البعض بالسلاح في مواجهة محتملة.
ويواصل: "رفعت بريطانيا الحماية عن فلسطين في الرابع عشر من مايو عام 1948، وأعلنت عصابات إسرائيل في اليوم التالي قيام دولتهم على أراضي الفلسطينيين، بناءً على وعد بلفور الذي أعطي فيه من لا يملك الأرض لمن لا يستحق، وقتها قامت حرب الـ48 أو ما عرفناه في تاريخنا الحديث بالنكبة، ومن حصار الإسرائيليين للواء المصري الرابع بالفالوجة لمدة ثلاثة أشهر من نوفمبر 1948 حتى فبراير 1949 وسط استبسال كبير من الجنود المصريين.
ويؤكد: "كان قائد هذا اللواء المحاصر مقاتلًا عرفناه وحفظنا اسمه في هذه الفترة وهو الأميرالاي السيد طه والمُلقب بالضبع الأسود، وكان معه رئيس أركان اللواء بكباشي شاب يدعى جمال عبدالناصر، لكن التاريخ تذكر جمال عبدالناصر ولم يعد هناك ذكر للمقاتل الصلب السيد طه ضبع الفالوجة، الذي تم استقباله استقبال الأبطال عقب عودته وجنوده بعد كسر الحصار.
ويختتم: "هناك في الفالوجة، تعرف البكباشي جمال عبدالناصر على صحفي شاب لمع فيما بعد وأصبح الكاتب محمد حسنين هيكل، ليصنعا ثنائية تركت أثرًا كبيرًا في حياتي وحياة المصريين فيما بعد.