عصام الزهيري: ارتبطت الشيشة ذهنيا ونفسيا بأجواء الثقافة الشرقية وبحكمتها الغامضة
أثارت صورة دكتور أحمد زويل، وهو يدخن “الشيشة”، حالة من الجدل بمواقع التواصل الاجتماعي، وطرحت من جديد الحديث عن طقوس الإبداع والكتابة.
وفي هذا الصدد قال الكاتب عصام الزهيري لـ“الدستور”: الشيشة في مقابل السيجارة لا يعكسان محض تقابل بين مزاجين مختلفين في التدخين، لكنهما يعنيان على المستوى الطقسي تقابلا بين عالمين مختلفين من الرموز والأسرار الباطنية العميقة.
وأوضح “الزهيري”: فالشيشة قياسا للسيجارة تعد جهازا معقدا لإنتاج الكيف (الدخان) تكاد تهيئته للعمل تمثل طقسا في ذاتها، كما تتطلب في التعامل معها تهيئة خاصة، بدء من المساحة الملائمة والكيفية المناسبة في الجلوس، وانشغال مساحة مهمة من الأعضاء الجسدية باستعمالها. تحتاج الشيشة إلى تفرغ لتعاطيها وبرهة زمنية كافية للإشباع من دخانها.
وكل ذلك بعكس السيجارة التي تتميز بكونها رفقة حميمة متفانية، تتداخل في الجسد ولا تنفصل عنه بدء مما بين الأصابع، تصاحب المدخن بلا تهيئة في الزمان والمكان، منكرة لذاتها وغير متطلبة منه وضعا خاصا ولا تفرغا من انشغاله لها. من هنا كان ارتباط الشيشة ذهنيا ونفسيا بأجواء الثقافة الشرقية الزخرفية وبحكمتها الغامضة وبأزمنتها القديمة وبتأملاتها الرخية والعميقة أعلى إيقاعا من ارتباط السيجارة بخفتها وحميمتها وقوامها الرشيق وحداثيتها، مع انسيابها في ثنايا زحام التفاصيل والأشياء والأزمنة والأمكنة بيسر، كقطعة مستديمة ومتسقة غير نائتة أو متثائبة ومنسابة بسلاسة في دماء المشهد والمخيلة.
وأردف: لذلك أتصور أن الأشخاص الذين يفضلون التعاطي مع الشيشة هم - مزاجيا وطقسيا - من الأشخاص الذين تميل أمزجتهم إلى البطء والتأمل ومعانقة الخلاء والفضاء الواسع وتصفح الذاكرة والتلذذ بالحنين المستمر للأزمنة والأمكنة والأشخاص الغائبين. ولست شخصيا - لحسن أو سوء الحظ - واحدا من عشاق الشيشة.
وتابع: فأنا رجل سجائري متحمس، أتلذذ بصحبة السيجارة الدافئة والحميمة والمنكرة لذاتها، ولا أقل في تعلقي بتدخينها بعمق وكثرة ومحبة وشراهة عن تعلق السيجارة نفسها بي، ولا أتهاون في الوفاء لتشابكها الحميم بين مفاصل اصابعي، وسريانها بصمت ودفء ومحبة في مجرى دمي.
واختتم: أعشق تدخين السيجارة حتما، وأحب تذكر ما كتبه عنها الشاعر اللبناني "بول شاؤول" في ديوانه "دفتر سيجارة": "كان يحب أن يشبّه السيجارة بالمرأة لكن المرأة تأتي ثم تذهب، كان يحب أن يشبّه السيجارة بالصداقة لكن الصداقة لا تدوم".