«القصة من قص الأثر».. هل سرق أحمد مراد حديث عباس محمود العقاد؟
كعادته صنع الكاتب المصري أحمد مراد حالة من الجدل في الأوساط الثقافية بتصريحاته الغريبة حول فن القصة والرواية.
ولم تتباين ردود أفعال رواد السوشيال ميديا حول تصريحات أحمد مراد وإنما جاءت كلها مستهجنة ساخرة من حديثه حول هذين الفنين العظيمين، وكلها من مثقفين يدركون هذا المعنى الكامن وهذا العالم الكبير والمتشعب خلف مفردة قصة أو رواية.
هل قال العقاد بالفعل أن القصة من قص الأثر؟
في مقال له بمجلة الهلال نشر عام 1949 قال المفكر الكبير الدكتور عباس محمود العقاد عن مسمى القص: "أما اسم القصة بالعربية فهو على خلاف ما يسبق إلى الخاطر، يفيد معنى غير معنى التوهم وخلق الحوادث على سبيل المحاكاة أو الحكاية.
ويضيف: "ومعناه مأخوذ من قص الأثر، لأن الذي يقص الأثر يتتبع أخبار القوم ويعرف مذهبهم في الأرض ومقامهم فيها، فهي مادة بحث وتحقيق، وليست مادة توهم وتلفيق، ومن ثم كان "القاص" عند العرب هو من يأتي بالقصة على وجهها، كأنه يتتبع معانيها، أو كأنه يتتبع الأنباء في عالم الزمان كما يتتبع "قاص الأثر" أنباء القوم في عالم المكان.
ويكمل: "وفي القرآن الكريم عن أم موسى عليه السلام حين فقدته "وقالت لأخته قصيه" أي ابحثي عنه، فالقص من هذه المادة هو المعرفة الصحيحة عن بحث وهداية وليس هو التوهم والتخيل والتلفيق والاختلاق.
لماذا سرق أحمد مراد كلام العقاد؟
ويتطابق سياق أحمد مراد مع سياق حديث المفكر الكبير عباس محمود العقاد، وردد مراد كلام المفكر الكبير بدون نسبته إليه، والبرنامج الذي ذكر فيه أحمد هذا الأمر يُذاع على الهواء وليس مسجلا يمكن أن يكون قد اُجتزئ، حيث قال إن القصة من قص الأثر، ودلل على تعريفه بنفس الآية الكريمة "وقالت لأخته قصيه"، وذكر نصا كل سياق حديث المفكر الكبير في تعريفه لفن القصة القصيرة والرواية.
العقاد ومراد
لكن العقاد ذكر هذا الحديث في تعريفه لمصطلح مسمى القصة، وليس تعريفا لفن القصة القصيرة، يذكر من أين جاءت الأسماء مثل القصة والرواية، فمثلا يذكر المفكر الكبير أن كلمة رواية هنا يفهم منها أنها صناعة الراوي أو الراوية، ويفهم من الراوي أو الراوية أنه هو البعير أو البغل أو الحمار الذي يحمل الماء لينقع به غلة الظماء.
وراوية الخبر أو الشعر هو الذي يحمله كذلك، ليروي به غلظ الظماء إلى الأخبار، ولهذه يقال منشد الشعر لمن يتلوه ولا يحفظه، ولكن لا يقال راوية الشعر إلا لمن يحمله معه أن يحفظه حيث سار".
ومن هنا ندرك أن العقاد شرح في مقاله معنى اسم القص والرواية، الاسم فقط لكنه لم يتطرق لتعريف الرواية أو القصة في العصر الحديث، وهو الأمر الذي أخذه مراد على غير محمله فشرح بكلام العقاد تعريف القص لكنه نسبه إلى نفسه، وزاد في الأمر أن القصة حقيقية، والرواية متخيلة، وهو التعريف الذي أثار كل هذه الضجة منذ إذاعة البرنامج.