القومى للترجمة يصدر «انتصار أكتوبر فى الوثائق الإسرائيلية».. بمعرض الكتاب
صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة، برئاسة الدكتورة كرمة سامي، الجزء الثالث من المجلد الرابع "انتصار أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية" من إشراف ومراجعة ودراسة إبراهيم البحراوي، وبترجمة أشرف الشرقاوي، حسين عبدالبديع وعمرو عبدالعلي علام.
ويقدم الدكتور أشرف الشرقاوي عرضًا مختصرًا عن هذا الكتاب: "يتناول هذا الجزء من كتاب "انتصار أكتوبر من الوثائق الإسرائيلية" تحقيقات لجنة أجرانات التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية للتحقيق في أسباب هزيمة القوات الإسرائيلية وفشل هجومها المضاد يوم 8 أكتوبر.
وتناول هذا الجزء من التحقيقات الأخطاء التي حدثت في تحركات الفرقة 143 التي كان يقودها الجنرال أرييل شارون، نتيجة لصدور أوامر متعارضة لألوية وكتائب الفرقة، فقد صدر بعض هذه الأوامر من قائد الفرقة، والبعض الآخر من نائبه ومن رئيس أركانه، وكانت نتيجة ذلك أن الفرقة لم تنفذ الخطة التي كان يفترض أن تنفذها خلال تلك المرحلة.
وقد صاحب هذا تشكك قائد القوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية الجنرال جونين في أن يكون الجنرال شارون لا ينفذ ما كلف فرقته به، وبالتالي أرسل الجنرال جونين نائبه العميد ساسون للتحقق مما إذا كان الجنرال شارون موجودًا مع قواته في الموضع الذي أمرهم بالتواجد فيه.
في الوقت الذي شهد فيه الجنرال شارون أمام اللجنة بأنه تلقى أوامر بالاستعداد لمواجهة ضغوط من القوات المصرية عن طريق الانسحاب والاستعداد للهجوم. قال نائبه إنه سمع عن هذا، ولكنه عندما انسحب اكتشف عدم وجود أي خطة لديه للهجوم. وعندما تلقى أوامر من قيادة الجبهة المصرية بالهجوم سأل شارون عن ذلك فطلب منه أن يرد عليهم بأنهم لن يكون في استطاعتهم الوصول للمكان المحدد لهجومهم في الوقت الذي حددته القيادة.
وتبين من التحقيقات أنه نتيجة لسوء القيادة ولسوء التخطيط كانت بعض القوات تتقدم والبعض الآخر ينسحب، بينما كانت هناك كتائب كاملة تتجه للسير على محور ليس له علاقة بالحرب الدائرة أساسًا، وكانت النتيجة هي فشل كامل.
وقد ألقى قائد المنطقة العسكرية المسئول عن الجبهة المصرية باللوم على شارون.
قال الجنرال شارون في شهادته عن أهمية معركة يوم 8 أكتوبر أمام اللجنة، إنه كان يريد أن يشير إلى أنه عندما ترك مواقعه في ذلك الصباح كانت تحت سيطرته مناطق نوزيل وأبو وقفة وكثيب الخيل وكثيب أبوكثيرة، بل وكانت دباباته في منطقة تسيداني أيضًا. كانت الساعة العاشرة صباحًا أو الحادية عشرة عندما بدأ ينسحب في مناطق نوزيل وأبو وقفة ومخشير التي دفع فيها ثمنًا كبيرًا من الدماء طوال أيام الحرب بعد ذلك.
وعندما تلقت الفرقة أمرًا بالانسحاب منها كان الوضع مريعًا، فقد تلقى المصريون يوم 8 أكتوبر تعليمات باستكمال المهام. ويبدو أن هذا حدث في المرحلة الثالثة. وكان استكمال المهام عندهم يعني السيطرة على طريق المدفعية، وإن كانوا لم يحددوا الطريق بالتحديد. وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية من مناطق نوزيل وأبو وقفة وكثيب الخيل، كان هذا بالضبط في نفس الوقت الذي تلقى فيه المصريون التعليمات باستكمال المرحلة الثالثة، والاستيلاء على تلك الأماكن. ولم ينجح اللواء 500 التابع للفرقة 162 في الاحتفاظ بتلك الأماكن، أو ربما وصل متأخرًا. كان القائد موجودًا والتقى القادة، وفي الواقع خسرت إسرائيل هذه المناطق في ذلك اليوم. عندما عادت الفرقة في حدود الساعة 4:30 بعد الظهر إلى المنطقة، كانت الصورة مختلفة تمامًا. كان المصريون في أبو وقفة وفي كثيب الخيل، سواء بالدبابات أو المشاة.
ويتضح من خلال هذا الجزء من الكتاب أن تضارب الأوامر وتصرف بعض القادة حسب أهوائهم رغبة منهم في إثبات قدرتهم على القتال كان لها دور مهم أيضًا في زيادة خسائر القوات الإسرائيلية.
ويطرح هذا العمل الموسوعي "انتصار أكتوبر في الوثائق الإسرائيلية" سؤالًا من شقين، الأول هو لماذا صممت السلطات الإسرائيلية على حجب أهم الوثائق لمدة أربعين عامًا؛ والثاني، لماذا تعمدت حذف بعض الكلمات أو الأسطر والفقرات من الوثائق التي نشرت، فنحن أمام مادة جديرة بالبحث المتعمق من جانب المثقفين والإعلاميين والباحثين في الشئون السياسية والعسكرية وشئون المخابرات لكشف أبعاد الانتصار المصري وأعماق الهزيمة الإسرائيلية.
يتحدث الدكتور الراحل ابراهيم البحراوي- أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، وصاحب فكرة هذا المشروع الوثائقي- في مقدمة الكتاب، عن مدى الصعوبة التي واجهته للحصول على نصوص الوثائق، والتي نشرها أرشيف الجيش الإسرائيلي باللغة العبرية، وذلك لما تمثله تلك الوثائق من حق وطني وتاريخي للأجيال الجديدة، حيث حجب الإسرائيليون هذه الوثائق لمدة أربعين عامًا ليخفوا حقائق الانتصار المصري ويحفظوا معنوياتهم من الانهيار، ولم يكتفوا بذلك، بل إنه عندما نشر أرشيف الجيش الإسرائيلي الوثائق على موقعه الإلكتروني قام في الوقت نفسه بوضع عقبات فنية تحول دون الاطلاع عليها بسهولة بالنسبة للباحثين المصريين تحديدًا، وتمكن فريق من خبراء المواقع الإلكترونية من التغلب على هذه العقبات.