مشاهد حية لوقائع وباء الطاعون فى كتاب «صمت مدينة» للكاتب على البدراوى
“صمت مدينة”، مشاهد حية لوقائع وباء الطاعون في عام 1931، عنوان كتاب أحدث مؤلفات الكاتب علي البدراوي، والصادر حديثا عن دار قناديل للنشر والتوزيع.
ويشير “البدراوي” في مقدمته للكتاب إلي: لم تكن الطبيعة هذه المرة رحيمة بالعراق، فقد أرعبت بغداد بالفيضان العالي وأحيطت المدينة بالمياه وصعب على الناس الهروب، ثم أخذت السدود تتهاوى أمام ضربات المياه المتوالية فدخلت البلدة وأخذت البيوت تتساقط على من بقي من الناس فيها، حتى قدرت البيوت المتهدمة بسبعة آلاف منزل، وهكذا أصبحت بغداد مقبرة للأحياء الذين كانوا يأملون الفرار من الطاعون. ثم أخذ البدو يدخلونها والصعاليك والسراق يسرقون وينهبون ما يجدونه حتى كان بعضهم يعالجه الموت في أثناء السرقة.
كان منظر الأطفال العديدين المتروكين على قارعة الطريق جراء موت ذويهم أشد المناظر إيلاماً عندي، فقد كان الآباء والأمهات حينما يجدون أنفسهم قد أصيبوا بالمرض يعمدون إلى أخذ أبنائهم المرشحين لليُتم ويتركونهم بالقرب من أبواب البيوت المجاورة "إلى رحمة الغرباء في وقت قضت فيه التعاسة الشخصية على كل إحساس بشري".
ــ مأدبة السرد
كما صدر عن دار قناديل للنشر أيضا، كتاب نقدي تحت عنوان “مأدبة السرد .. حوارات في صنعة الرواية”. من تأليف كه يلان محمد.
ومما جاء علي الغلاف الخلفي للكتاب نقرأ: يقولُ سارتر: "حين يشرعُ المرءُ في الكتابة فإنَّه كمن يتقنَّعُ".
إذنَّ يجبُ البحثُ عن المبدع في مكان آخر، ولا شكَّ أنَّ رصد أوراقه في لعبة الكتابة والحياة يتطلبُ مُصاحبته من خلال الحوار والإنصات إلى صوته، وكان رولان بارت محقاً في رأيه بأنَّ الحوار أصبح لعبةً اجتماعية لأنَّ مضمون المؤلفات الأدبية قد لا يشفي غليلَ المتابعِ ولا توافق مزاجهُ نظريةُ موت المؤلف.
ما ينبسطُ على صفحاتِ هذا الكتاب يغطي آراء كوكبة من الروائيين العرب الذين أضافوا بمؤلفاتهم ومشاركاتهم في المحافل الثقافية حراكاً إلى المشهد الأدبي، ويُشهدُ لهم بمحاولات حثيثة للتنفس إبداعياً خارج صياغاتٍ مُستهلكةٍ.
ــ حكايات من القلوب وإليها
كما طرحت نفس الدار ــ قناديل للنشر ــ النسخة العربية لكتاب “حكايات من القلوب وإليها”، من تأليف أليس كري، وترجمة دكتور سليمان كيوش، والذي يشير في مقدمة ترجمته للكتاب إلي: جهد جبار بذلته أليس كري في جمع حكايات هذا الكتاب وتشذيبها، ثم نشرها وتوزيعها مجانًا، مقتطعةً بذلك جزءًا مهمًا من وقتها ومالها، لا لشيء إلّا لتوصل رسالة إلى الإنسان مفادُها ضرورةُ النظر إلى القوانين السامية الجميلة التي تحيطه، والتي قد ينشغل عن تأمّلها تحت ثقل الحياة برمّتها مرّةً، وبسبب هيمنة قيم فاسدة مرّةً أخرى، فغدا كتابها الأوسع انتشارًا في أمريكا وغيرها.
ما يشفع لهذه الحكايات أنها شائعة ويمكن توقّعها ومصادفة أبطالها وهم يمارسون الحياة. فإذا ما قورنت بالحكايات التراثيّة العربيّة والإسلاميّة قد لا تصمد أمامها بسبب الثراء المعنوي الغزير الذي يجلّل الحكايات العربيّة، ذلك لأنها نخبويّة، أبطالها قدّيسون أو معصومون أو مشهورون تاريخيًّا. إلّا أن هذه الحكايات المترجمة أكثرُ رجحانًا في القبول والألفة لأن جلّ أبطالها معاصرون يعيشون الحياة التي نحياها الآن، وفي ذلك قوّة مضافة لقدرتها على تحقيق أهدافها.