المفتي: يجب الاهتمام بالتكوين العلمي والتأهيلي للعلماء لتجديد الخطاب الديني
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن العلماء هم ذخيرة الأمة الإسلامية ومصابيح الهدى في ليالي الدجى، وهم ملاذها الآمن الذي به تلوذ، وحصنها المنيع الذي به تحتمي.
وأضاف علام، خلال كلمته في فاعليات افتتاح الدورة العلمية المتخصصة لأئمة الجزائر، الخميس، بالقاعة الرئيسية بمسجد النور بالعباسية، أنه واجب على العلماء الذين أقامهم الله تعالى في مقام الوراثة المحمدية، أن يأخذوا هذا الأمر بحقه وأن يعدوا لهذا الأمر عدته، فإذا كانت الأمة عبر تاريخها الطويل وأجيالها المتعاقبة في حاجة ماسة إلى جهود أهل العلم وتوجيههم وإرشادهم، فهم في هذه الحقبة العصيبة الحرجة من تاريخها أمس حاجة إلى العلماء.
وتابع: "حينما نتكلم عن أهمية التكوين العلمي والتأهيلي للعلماء من أجل تجديد الخطاب الديني، ومواكبة التطورات العصرية من الأفكار والأحداث والمتغيرات، فإننا نتجاوز الكلام على مراحل التحصيل العلمي التقليدية بمختلف مراتبها من تحصيل علوم اللغة العربية وعلوم الفقه والأصول والقواعد وتاريخ التشريع وعلم الوضع والمنطق والمقولات والتوحيد والحديث".
وأشار إلى أن هذه جذور وأسس ثابتة في تكوين العالم لابد منها ولا جدال فيها، لكنها في واقع الأمر غير كافية وحدها لقيام العالم بواجب وقته ومهام عصره التي كلفه الله بها، بل لابد على العالم أن يكون مدركًا لشأنه عالما بزمانه، ملما بالضروري والمهم من لغة وثقافة العصر وعلوم الواقع وهموم الناس وما يشغلهم، حتى يجمع بين التأصيل الشرعي والتواصل المعرفي.
ولفت إلى إن الأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية الآن وخاصة ما يتعلق بقضايا العنف والإرهاب وكذلك قضايا الإلحاد، ومحاولة فرض نموذج معرفي غريب عن أخلاقنا وقيمنا المستمدة من شرعنا الحنيف، تحتاج أن يعكف العلماء على دراسة النماذج المعرفية والفلسفات المعاصرة المختلفة دراسة وافية دقيقة وعميقة، وأن يضعوا من خلال التعمق في فهم واستيعاب النموذج المعرفي الإسلامي إجابات شافية ووافية لكافة الأسئلة والإشكالات العصرية، التي تجيش في صدور أبنائنا وتشغل عقولهم، وقد تجنح بهم الإجابات الخاطئة المضللة إلى وجهات غير محمودة وعواقب غير مأمونة.
ونوه إلى أن ذلك هو المعنى الدقيق لتجديد الخطاب الديني الذي كان عمل الأئمة المجتهدين عبر العصور، فمن لأمة الإسلام إذا لم يقم علماؤها الأجلاء بهذا الدور العظيم؟، ومن ينقذ شباب الأمة من التطرف والإرهاب والإلحاد وشيوع الأفكار المشككة حول دين الإسلام الحنيف وحول القرآن الكريم؟، ومن ينقذ الشباب والأمة من سطوة النماذج المعرفية الغربية التي تحاول فرض قيمها باسم الحرية والتحرر إلا العلماء العاملون الذين جمعوا بين التعمق في علوم الشريعة الإسلامية وعلوم الواقع؟.