جدل بين أولياء الأمور والمختصين.. إضافة التربية الدينية للمجموع ضرورة أم عبء إضافي؟
ظهرت مؤخرا العديد من الأصوات المنادية بأن تصبح مادة الدين بمناهج التربية والتعليم مضافة إلى المجموع الكلي، وليست مادة لا تدخل ضمنه كما هو الحال حاليًا، وذلك على أمل الاهتمام بتدريسها وكذا اهتمام الطلبة بتعلمها من أجل اكتساب القيم والأخلاق التي تواجه الانحلال الأخلاقي وجرائم المنتشرة و التردي في الأخلاق الذي وصل به الحال في المجتمع والذي شهد به الكثيرون وبات جليًا أمام الأعين.
و كان من بين هذه الأصوات أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ مثل النائب أحمد جلال الذي رحب بمقترح إضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع الكلي بالمراحل التعليمية، قائلًا "إننا نعيش أوقات صعبة هذه الأيام بسبب كثرة انتشار الجرائم التي تتعلق بالقيم والأخلاق والتي تتطلب زيادة التوعية الدينية والأخلاقية بين الشباب وخاصة الشباب من سن المراهقة".
وتابع البرلماني، أن المجتمع المصري أصبح يعاني من خلل ملحوظ في التربية الدينية السليمة المعتدلة التي تساهم في بناء شخصية متزنة دينية ونفسيًا، كما شدد على أن إضافة هذه المادة إلى المواد الأساسية في المناهج الدراسية يعود إلى اهتمام الطلاب والأسرة المصرية بالدين.
وطالب "جلال" وسائل الإعلام بالتركيز على هذه القرارات وتحفيز المواطنين والطلاب على أهمية الاهتمام بالدين وقيمه ومبادئه، وتناول القضايا التي يعد السبب الرئيسي فيها هو الابتعاد عن الدين مثل الجرائم الأسرية وحالات الطلاق التي تزايدت خلال السنوات المادية بشكل ملحوظ في المجتمع المصري.
- تستهدف تربية النشء تربية سليمة قائمة علي التسامح والرفق
على خطى "جلال" كذلك أوضح النائب محمد أبو حجازي، أن إضافة مادة التربية الدينية للمجموع الكلي بالمرحلة التعليمية تكتسب أهميتها من كونها تستهدف تربية النشء تربية سليمة قائمة على التسامح والرفق والتراحم وغيرها من الأخلاق الحميدة والتي تعمل علي تنظيم سلوكيات الفرد وتعاملاته مع المحيطين به، ما يساهم في تجنب حالات التخبط الناشئ عن غيبة القيم الموجهة للسلوك وما يؤدي إليه ذلك من عجز الفرد عن تحديد التوجه الصحيح لأفعاله وعجزه عن التمييز بين الصواب والخطأ.
وأضاف أنه لذلك فإن مادة التربية الدينية تساهم في تكوين جيل يتسم بالاتزان النفسي بعيدا عن التشدد والتطرف وما يستتبعه من سلوكيات منحرفة، وجرائم لعل آخرها جريمة قتل طالبة بجامعة المنصورة على يد زميلها.
كما أكد "أبو حجازي"، أنه لذا فإن اقتراح أن يتم اعتبار مادة التربية الدينية مادة أساسية في التعليم ما قبل الجامعي وإضافتها للمجموع الكلي للدرجات، من شأنه أن يجعل الطلاب مولون الاهتمام الكافي بها، وبذلك تؤتي الثمار المرجوة منها، موضحًا أنه نظرًا لعدم إضافتها إلى المجموع فهي تعاني التهميش من قبل الطلاب وعدم الاهتمام.
- خبراء تعليميون: ستفتح بابا للعديد من المشكلات
فيما جاءت آراء خبراء التعليم معاكسة، والذين رفض عدد منهم هذا الأمر موضحين أنه أمر غير سليم كما أنه يفتح باب الفتن والعديد من المشكلات التي لا حصر لها.
وتساءل الخبير التعليمي رضا أحمد في حديثه "للدستور" عن كيف يمكن الحديث بأن تصبح مادة التربية الدينية مضافة إلى المجموع؟، مشيرًا إلى أن ذلك يفتح الباب أمام بعض الطلبة لممارسة الغش، وقال “إننا لسنا في مجتمع مثالي وعلينا الاعتراف بوقائع الغش التي تحدث من قبل الطلبة في الامتحانات داخل المدارس، مشيرًا إلى أنه ولأن المجتمع ليس مثاليًا كذلك فهذا يؤكد أن الطلبة في حال إضافة مادة الدين إلى المجموع لن يتورعوا عن الغش بها هي أيضًا، باعتبارها مادة مثل باقي المواد وتحسب عليها درجات تؤثر على مجموعهم الكلي ودرجة نجاحهم”.
وقال "رضا"، كيف سيكون إذن مسمى من غش بمادة الدين؟ لماذا من الأساس أفسح له المجال لهذه الفعلة الشنعاء في هذه المادة المقدسة، و التي تتعلق بالأساس بعلاقة الطالب وربه وتعتمد على خلفية تربيته لا بالمناهج التي يدرسها.
واتفق معه أحمد عطية الخبير التعليمي بادارة الجيزة التعليمية، مشيرًا إلى أنه لتحسين مستوى الأخلاق يجب الاهتمام بالتربية على أسس الدين ليس باستذكارها كعلوم دراسية، واحتسابها كمادة مثل باقي المواد مشيرًا إلى أن ذلك الأمر ينزع منها الصفة الروحانية، ومن الوارد جدًا ألا يحقق النتيجة المرجوة.
- اختلاف بين أولياء الأمور
كذلك اختلف عدد من أولياء الأمور على إضافة مادة الدين إلى المجموع فقد رأت هيام السيد ولية أمر إحدى الطالبات، أن ذلك أمرًا إيجابيًا من شأنه تحسين أخلاق الطلبة من خلال الاهتمام الزائد بتعليمهم قواعد الدين والأخلاق واختبارهم فيها.
بينما أكدت سمية إبراهيم ولية أمر أحد الطلبة أنه يكفي على الطالب المواد التي يدرسها وهو ليس في حاجة إلى الضغط عليه بإضافة المزيد من المواد الدراسية لمجموعة، مضيفة أن أمر إضافة مادة الدين إلى المجموع لا يضمن على الإطلاق التزام الطلبة بمبادئ الدين والأخلاق، مؤكدة أن التعليم الأكاديمي أمر بينما العلم المبني على التربية والمعاملة أمر ثان خاصة فيما يتعلق بأمور الدين ذات الطبيعة المختلفة.