«شعرت أنه فجر جديد».. اعترافات حسين الشافعي عن ليلة ثورة 23 يوليو
روى حسين الشافعي، أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952، أحدث الليلة التي وصفها بأنه لا يمكن أن تسقط من ذاكرته أبدًا.
وقال، إن ثورة 23 يوليو بدأت بالنسبة له يوم 20 يوليو بالتحديد، أثناء تناوله الغداء مع ثروت عكاشة تلقى مكالمة تليفونية من أحمد أبو الفتح الصحفي المعروف آنذاك، وهو زوج أخت "عكاشة"، وأبلغهم أن تشكيلا وزاريا جديدا برئاسة نجيب باشا هلالي سيعلن بعد قليل، ويضم حسين سري وزيرا للحربية.
فهم حسين الشافعي وثروت عكاشة من التشكيل الوزاري أن الملك فاروق يصر على تصفية الضباط الأحرار، خاصة وأن حسين سري كان قد رشح نفسه في نادي الضباط ضد جبهة محمد نجيب.
أسرع "عكاشة" و"الشافعي" إلى منزل جمال عبد الناصر بمنشية البكري ليخبراه بالمعلومات الجديدة، التي يمكن أن تعجل من قيام الثورة، وبالفعل حددوا يوم 12 يوليو كموعد للتحرك أعقبه اتصال بين الضباط الأحرار لتأخير الموعد ليوم 22 يوليو.
كان الموعد المحدد لمراجعة تفاصيل الخطة في الثانية والنصف بمنزل خالد محيي الدين، واتفقا على أن يكون التحرك في الثانية عشرة بعد منتصف الليل يوم 22 يوليو، ولما كان أغلب الضباط قد أبلغوا أن موعد التحرك سيكون في الحادية عشرة خشي "الشافعي" أن يأتوا مبكرين ساعة، ويكتشف أمرهم، فحاول الحفاظ على الموعد الأول لكن الغالبية اتفقت على أن يكون الموعد في الثانية عشرة.
في الحادية عشرة إلا ربع، مر جمال عبد الناصر على سلاح المدرعات الذي وصفه حسين الشافعي في حواره لجريدة "الأهرام العربي" 1998، بأنه كان الركن الأساسي في نجاح الصورة بوصفه المقدمة والدرع.
بعدما اطمأن "عبد الناصر" وجه حديثه لثروت عكاشة باللغة الإنجليزية، قائلا: "في هذه الليلة ليس هناك مجال للعواطف والأحداث قد تغير من التصرفات، وينبغي أن نكون على استعداد لمواجهة كل ما هو غير متوقع".
بعد مغادرة جمال عبد الناصر التقى حسين الشافعي بالضباط وتسللا عبر الأسلاك الشائكة ليدخلوا لمقر سلاح الفرسان، وكانت هناك سيارة سوداء تراقبهم، ودخلت من نفس الفتحة التي دخلوا منها، ولاحظوا أنها تتجه ناحية وحدة الدبابات فاتجهوا عكسها في اتجاه وحدة المدرعات والتقوا الضباط، وأخبرهم: "أنا مش هقول كلام، اللي عندي أوامر مكتوبة".
في الحادية عشرة دق جرس التليفون وكان على الطرف الآخر القائم مقام عبد الخالق عابد يسأل عن كتيبة الطوارئ وموعد جاهزيتها فأخبره: "ستكون جاهزة بعد نصف ساعة". وبعد 5 دقائق اتصلوا مرة أخرى وطلبوا حضور الكتيبة لقسم القاهرة فورا، فطلب "الشافعي" قطع أسلاك التليفون في أول خروج.
وبعد 5 دقائق رأى الضباط الأحرار شبحا يشق الظلام ليخبرهم أنه قائد مجموعة اللواء المدرع دخل القشلاق، وليسأل عن تحركات السيارات المدرعة، ومن أعطى أوامر تحريكها فأخبروه بأنه قائد الكتيبة البكباشي حسين الشافعي، فحاول أن يثنيهم بسيارتهم.
خشي حسين الشافعي أن تكون الخطة قد كشفت في اللحظة التي أبلغ فيها بأن حسن حشمت قائد مجموعة اللواء المدرع في طريقه لمكتبه، فحمل مدفعه الرشاش ليقطع عليه الطريق في منتصفها.
وجد "الشافعي" حشمت وسط دائرة من الجنود، وكلهم رافعين سلاحهم في وجهه، فصرخ في وجه "الشافعي": "هو انت كمان معاهم، إزاي تخلي العساكر يرفعوا سلاحهم في وجه قائد اللواء"، فرد "الشافعي": "أحمد ربنا أنني جئت في الوقت المناسب"، فرد "حشمت": "إنتوا بتعلبوا بالنار وحتودوا البلد في داهية"، فرد "الشافعي": "مش هتكون أسوأ من اللي هي فيه".
عندما أذن الفجر، كان الشافعي قد أنهى واجباته، قال في حواره لـ "الأهرام العربي": "وكأنه فجر يوم جديد، فأحضر الجنود البطاطين وفرشوا أرض المعسكر استعداد للصلاة فأممتهم، وبعد ختام الصلاة دخلت مكتبي ونظرت إلى نتيجة الحائط، ونزعت ورقة 22 يوليو لترى عيني لأول مرة 23 يوليو".