اللقاء الروسي ـ الأمريكي.. هل يكون بداية انفراجة للحرب الأوكرانية؟
أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية الكرملين دميتري بيسكوف أن هناك مفاوضات روسية أمريكية أجريت في أنقرة، الثلاثاء بمبادرة من الولايات المتحدة.
وقال بيسكوف، إن محادثات مديري المخابرات الروسية ـ الأمريكية التي جرت في أنقرة جاءت بطلب من الجانب الأمريكي، وفقًا لوكالة سبوتنيك الروسية.
وبعد اللقاء الروسي الأمريكي في أنقرة، وهل سيكون هناك انفراج جديدة في ملف الأزمة الروسية الأوكرانية أم ستستمر التعقيدات بسبب الحرب؟
سيناريوهات الفترة المقبلة
قال نرمين سعيد كامل الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، إنه على الرغم من التوتر الشديد في العلاقات بين واشنطن وموسكو والذي ازدادت وتيرته بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية بشكل جعل أي تنسيق بين البلدين يبدو مستحيلًا إلا أن فكرة إدارة المخاطر عادت مرة أخرى للواجهة ودفعت بالبلدين للتعاون على مستوى رفيع لضبط الأمور البينية والتي على رأسها الرفض التام لتوظيف القوة النووية في الصراع مع أوكرانيا وهو ما حرص الرئيس الأمريكي على توصيله في رسالة أخرى إلى الرئيس الصيني خلال اللقاء الذي جمعهما.
وأضافت كامل، لـ"الدستور"، أنه على الرغم من أن تسوية الأزمة الأوكرانية هدف أساسي للإدارة الأمريكية إلا أن اللقاء لم ينصب على هذا الأمر بعينه، إنما تم التركيز على وجوب انفتاح الأوكرانيين على الحوار والتفاوض بما يتضمنه ذلك من عدم رفع سقف المطالبات بل وأيضا ترتيب الأولويات وعدم الدفع بشروط تعجيزية لروسيا مثل استعادة شبه جزيرة القرم؛ لأن ذلك الإصرار يدفع بفشل المفاوضات قبل أن تبدأ خصوصًا أن الأوكرانيين حققوا انتصارات مرضية على الأرض.
وأشارت كامل إلى أن لقاء مسؤولي المخابرات الأمريكية والروسية في تركيا يأتى بعد اجتماعات سرية جمعت بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان ومسؤولين روس للتحذير من مغبة استمرار الحرب الأوكرانية، كما يأتي اللقاء سابقًا للتنسيق الذي سيتم بين واشنطن وموسكو بخصوص معاهدة ستارت النووية وهو الاجتماع الذي سيجري في القاهرة خلال الشهر الحالي مما يعكش حالة من الثقة الدولية في القاهرة كوسيط نزيه.
أحمد السيد:المحادثات "خطوة إيجابية" وتطور مهم فيما يتعلق بالوضع المستقبلي
فى السياق، قال أحمد السيد، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، في لقاء هو الأعلى تمثيلًا بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الرسمي منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر فبراير 2022، التقى مدير الاستخبارات المركزية الامريكية وليام بيرنز ونظيره الروسي سيرغي ناريشكين، في العاصمة أنقرة الإثنين.
وتابع السيد، لـ"الدستور"، :ظاهريا تخلل اللقاء مناقشات بين الطرفين تناولا فيها التهديدات النووية، وقضية السجناء الامريكيين الموقوفين من قِبل روسيا وفي العُمق قد يكون من المرجح تناول الطرفين الحديث حول ملف الازمة الروسية الأوكرانية، ما يدفع بالسؤال حول هل سيمثل اللقاء انفرج جديدة في ملف الأزمة؟ أم ستستمر تعقيدات الحرب؟"
ووفقًا للكرملين، فإن المحادثات جاءت "كمبادرة من الجانب الامريكي".
وأشار السيد إلى أن اللقاء يأتي في الوقت الذي تحتفل فيه أوكرانيا باستعادة مدينة خيرسون الجنوبية، وهي أكبر جائزة تظفر بها قواتها حتى الآن، بعد انسحاب القوات الروسية من المنطقة.
وتابع السيد "من وجهة نظرنا لا يبدو أن هذا اللقاء يؤشر على انفراج للأزمة الروسية الأوكرانية وذلك نتيجة للدعم الأمريكي المتواصل لأوكرانيا، فمؤخرا وافقت الولايات المتحدة على إرسال 400 مليون دولار أخرى من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ما رفع المجموع إلى 18.9 مليار دولار منذ يناير 2021 وأصر الرئيس الأمريكى جو بايدن في قمة مجموعة العشرين التي تجري حاليًا في "إندونيسيا" على عدم وجود مفاوضات سرية جارية مع روسيا.
وأضاف السيد أن الولايات المتحدة تواصل توفير الدعم للشعب الأوكراني للدفاع عن نفسه وأكد بايدن على أن قرار المفاوضات مع روسيا يجب أن يكون في يد الشعب والحكومة الاوكرانية وهم من عليهم اتخاذه.
وأشار السيد إلى أن الاجتماع جاء أيضًا بين رؤساء المخابرات، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخزانة الأمريكية يوم الاثنين عن قائمة موسعة من العقوبات شملت 14 شخصًا وكيانًا متورطًا في دعم المجمع الصناعي العسكري الروسي، ويقع العديد من الذين فرضت عليهم عقوبات جديدة خارج روسيا ، بما في ذلك الأشخاص والشركات الموجودة في سويسرا وتايوان وفرنسا.
كما أعلن بايدن أن انسحاب القوات الروسية من منطقة خيرسون الجنوبية، إحدى المناطق الأربع في أوكرانيا التي ضمها بوتين في سبتمبر؛ بمثابة نصر مهم وعظيم لأوكرانيا، وأشاد بشجاعة وتصميم وقدرة الشعب الأوكراني والجيش الأوكراني، في مواجهة القوات الروسية.
وأوضح السيد أن القادة الأمريكيين والأوروبيين يرون أن هدفهم في الوقت الحالي هو إبقاء الحرب محصورة في أوكرانيا ومنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من استخدام سلاح نووي تكتيكي أو أي سلاح آخر من أسلحة الدمار الشامل.
وتابع السيد "على الرغم من نفى الرئيس "بوتين" استعداد موسكو لاستخدام سلاح نووي في أوكرانيا، وأن تلك التصريحات خفضت من مستوى القلق في كل من واشنطن والعواصم الأوروبية ، لكن التهديدات النووية المتكررة من قبل روسيا، وانتكاساتها الأخيرة في ساحة المعركة، تعني أن القلق بشأن الاستخدام النووي المحتمل لا يزال مرتفعا".
وأوضح السيد أنه بعيدًا عن الحرب، فإن لدى روسيا والولايات المتحدة مجموعة من القضايا العالقة للمناقشة ، بدءًا من تمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية واتفاق الحبوب في البحر الأسود إلى تبادل الأسرى المحتمل والحرب السورية.
في الأخير، فإن اللقاء بين الجانبين يأتي في وقت تُحقق فيه القوات الأوكرانية انتصارات في المناطق التي قامت روسيا بضمها؛ وأن هذا اللقاء بمثابة رسالة أمريكية لموسكو وتحذير أمريكي من خطورة استخدام الأسلحة النووية نتيجة تراجعها في المناطق التي قامت بالسيطرة عليها.
واختتم السيد تصريحاته قائلاً: "على كل حال، فإن فتح قناة حوار بين الجانبين الأمريكي والروسي في الوقت الراهن، وعلى الرغم من عدم تطرقهم للوضع في أوكرانيا إلا أن هذه المحادثات "خطوة إيجابية" وتطور مهم فيما يتعلق بالوضع المستقبلي".