علي جمعة: بيت المقدس هو المكان الذي يريد اليهود بناء هيكلهم عليه
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المؤمن يعظم المسجد الأقصى، والقدس الشريف، وبيت المقدس وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة هي مساحة المسجد الأقصى، والتي قال الله تعالى عنها: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الإسراء :1].
وأضاف جمعة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن هي تلك الأرض المقدسة التي أمر الله اليهود بدخولها في زمن موسى عليه السلام، قال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة :21].
وهو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال: “سمعت أبا ذر يقول: ”سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال أربعون عاما. ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصلِ" [رواه البخاري ومسلم].
وأكمل: “وكان الإهلال منه بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر”، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه” [رواه ابن حبان في صحيحه].
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى” [رواه البخاري ومسلم] فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد، ولذا فلا تقصد مساجد بالسفر رغبة في تضاعف أجر الصلاة فيها إلا هذه المساجد، وليس في هذا الحديث تحرم السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاثة.
وتابع: أما السفر لزيارة مسجد غير هذه الثلاثة من باب السياحة والتعلم وغير ذلك فهو جائز كمن زار دمشق لزيارة المسجد الأموي مثلًا، أو زار القاهرة لزيارة جامعة الأزهر، أو غير ذلك، كما يجوز للإنسان أن يسافر لغير المساجد الثلاثة من طلب العلم وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك من أسباب السفر المعروفة.
وقد اتفق العلماء في هذا الفهم وننقل قول الشيخ سليمان بن منصور المشهور (بالجمل): "(لا تشد الرحال) أي للصلاة فيها فلا ينافى شد الرحال لغيرها.. إلى أن قال: قال النووي: ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، ونقله عن جمهور العلماء، وقال العراقي: من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين, والإخوان، والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلًا فيه.
وورد ذلك مصرحًا به في رواية الإمام أحمد صلي الله عليه وسلم، وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا: “لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى ومسجدي هذا” وفي رواية: “لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها.. إلخ" قال السبكي: "وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة.
وقال: “ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، وقد التبس ذلك على بعضهم، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ; لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه ، فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة؛ لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا هـ . برماوي” [حاشية الجمل 2/361].
وأوضح أن المسلم يقدس الأزمان المباركة ورأينا ذلك في شهر رمضان والأشهر الحرام ويوم الجمعة، ويومي عرفة وعاشوراء، وغير ذلك من الأزمان، كما أنه يقدس الأماكن المباركة ورأينا ذلك في الكعبة المكرمة ومكة، وفي المدينة المنورة وفي القدس الشريف، وفي المقال القادم نرى تقديس المؤمن للأشخاص المباركة والأشياء المباركة.