«اللوفر» و«ديانا».. نجيب محفوظ يروي ذكرياته مع مقاهي الإسكندرية
تعد المقاهي في التاريخ هي بعض ملامح الدهر، ففيها ترى سر حركة المعايشات الشعبية، وأصداء المكان وصورته في الذاكرة، والمقاهي الأدبية بعد هذه الفترة أصبحت جزءًا يوميًا من حياة الكاتب، والكتاب أصبحت تستويهم تلك الجلسات العفوية التي يلتقون فيها بالأحباء والمعجبين.
وتعتبر مقاهي مصر عالم عجيب ومتشابك العناصر فيها يلتقي الجار بجاره والصديق بصديقه والقريب بقريبه والقهوة في مصر ظلت مشروب الضيافة على امتداد السنين حتى ظهر الشاي بعد الاحتلال الانجليزي عام 1882م، وشكلت المقاهي ظاهرة حينما انتقل إليها الأدباء وأهل الفن عامة، وعلى الرغم من أنها كانت مقاهي عامة للجميع ومفتوحة لهم، فلم ينشؤها الأدباء حصيصًا لهم وإنما بارتيادهم لهذه المقاهي وبالتقائهم فيها أصبحت مقاهي أدبية ومفتوحة لجميع الأجيال والاتجاهات الفكرية.
ومن الأدباء الذين تشكل وعيهم على المقاهي أديب نوبل الكاتب والروائي نجيب محفوظ، فقد ارتاد العديد من المقاهي في القاهرة والإسكندرية، فكانت له ذكريات ومن بين المقاهي التي كان يرتادها مقاهي الإسكندرية.
فقال في رده على حوار له أجرها جاء في كتاب “مقاهي الأدباء في الوطن العربي” للكاتب رشيد الذوادي، :"إن القهاوي بالنسبة لى في الإسكندرية كانت قهاوي تصييف فكنت أرتادها لمقابلة الأصدقاء، ولقد جلست كثيرًا مع مجموعة توفيق حكيم بكازينو بترو وكانت تلك هى القهوة الأدبية الوحيدة التي ارتادها في الإسكندرية".
وتابع:"أما جلستي المعتادة فكانت بكازينو سان استفانو وكازينو حليم من قبله، وكنت أجلس أيضا على قهوة "ديانا" وقهوة “اللوفر” التي كان قد اشتراها المرحوم عبد الحميد الوكيل بعد الثورة، ولقد ذهبت إليها حنينا إلى الوفد لأنها كان يرتادها الوفديون القدامي من معارف عبد الحميد بك وكنت أشعر براحة كبيرة حين كنت أراهم، ولقد اشتهرت “قهوة اللوفر” بأنها كانت تقدم أفضل قهوة بالإسكندرية، أما الطعام فقد أحضر عبد الحميد بك الطبخ الخاص به من أيام العز وجعله يعمل بالقهوة فكان يقدم الوجبات الفاخرة التي لم يكن لها مثيل إلا في بيوت "الذوات".