مرصد الأزهر يحلل ظاهرة الانتحار.. الدوافع والأضرار
سلط مرصد الأزهر الضوء، في مقال له، على ظاهرة الانتحار وتكرارها بوسائل وطرق متعددة، حيث يتصور من يقوم بذلك الفعل أن الموت هو الحل الأمثل والأوحد للخلاص مما يعانيه من مشكلات شخصية أو حياتية.
وقال المرصد إنه بنظرة بسيطة على الأخبار المتعلقة بحوادث الانتحار، سوف تكشف عن أن الكثير من حالات الانتحار وقعت بسبب ضغوط ومشكلات اجتماعية ناتجة عن اختلال النظام الأسري في التعامل مع الأبناء، بداية من الشدة في التعامل واستخدام العنف والصرامة في إرشادهم، وممارسة أساليب الضغط عليهم في المراحل التعليمية المختلفة، دون الأخذ في الاعتبار اختلاف درجة استيعاب كل طالب، الأمر الذي قد يأتي بنتائج عكسية خطيرة؛ من انعدام الثقة بالنفس والاكتئاب، والإحباط القاتل الذي قد يدفع به إلى الانتحار؛ خوفًا من الرسوب أو الفشل.
وتابع المرصد أن الابتزاز الإلكتروني، وخاصة للفتيات خلال السنوات الماضية، تسبب في وقوع بعض حالات الانتحار، حيث يتم تهديد الضحية بنشر صور، أو مقاطع فيديو، أو تسريب بيانات شخصية أو معلومات خاصة بها؛ من أجل الحصول على مكاسب مادية أو إجبار الضحية على القيام بأعمال منافية للقيم والأخلاق، مما يدفع الفتاة إلى اعتبار أن الانتحار هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة. وقد نهى الإسلام عن التشهير بالناس والنيل من سمعتهم وكرامتهم، واستحلال أموالهم بغير حق، يقول الله تبارك وتعالى عن تتبع العورات والتجسس على الناس.
وتابع المرصد أن ضعف الوازع الديني والتردي الأخلاقي من أهم أسباب الانتحار الناتج عن اليأس والقنوط والجزع، والمؤمن يدرك تمام الإدراك أن الحياة مزيج من الخير والشر، واليسر والعسر، فحين تواجهه عقبة من عقبات الحياة، فإنه يحاول التغلب عليها بسلاح الصبر على الشدائد وتحمل المكاره؛ لإيمانه بأن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، ويدرك أيضًا أن أنبياء الله ابتلوا وتعرضوا للمحن والصعاب فصبروا، فجميع الأديان تجرم الانتحار وتحرمه، ويُعد التزام معتنقيها بالتعاليم الدينية سياجًا منيعًا، وحصنًا حصينًا يحول بينهم وبين قتل أنفسهم واستعجال الموت.
هذا، ويؤكد مرصد الأزهر على أن الانتحار جريمة إنسانية يرتكبها الإنسان في حق نفسه وأهله، وأنه مهما كانت المشكلات والصعوبات، فعلى الإنسان أن يتحلى بالشجاعة في مواجهتها، ولا مانع من زيارة المختصين عند الشعور بأي اضطراب نفسي، وعلى الآباء أن يكونوا أكثر حرصًا في التعامل مع مشكلات أبنائهم، فبموتهم يخسر المجتمع طاقة من طاقاته البشرية التي يمكن أن تكون أداة بناء تسهم في تقدم بلادهم ورفعة أوطانهم. وكما قال الشيخ شلتوت، شيخ الأزهر"1958- 1963": "وعلى المُصلحين أن يتكاتفوا بكل ما يَرَوْنَ مِن وسائلَ على تطهير الإنسانية في أيِّ مجتمع كان، ديني أو غير ديني، من هذه الجرثومة التي تحملُ في صُورتها ومعناها سقوط الإنسان مِن رُتبة التكريم ومقام الخلافة التي وُضِعَ فيها منذُ خُلِقَ وكُوِّنَ.