رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يستعد الأزهر للمشاركة فى cop 27؟

قاعة الأزهر للمؤتمرات
قاعة الأزهر للمؤتمرات

تعد جهود الأزهر الشريف في تعزيز دور الدولة المصرية، نحو قضية التغيرات المناخية هو تلبية نداء الوطن الذي يحتاج إلى تكاتف جهود أبنائه في كل المجالات، ويعكس تاريخ جهود مؤسسة لطالما قامت بواجبها تجاه كل القضايا الحياتية، حتى يحيى العالم حياة مستقرة.

في البداية قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن حماية البيئة والمحافظة عليها من الواجبات الدينية، مؤكدا أن المسلم مأمور بالمحافظة على مكونات البيئة وثرواتها ومواردها، التي تعد منحًا إلهية لضمان استقرار حياة البشرية.

وأوضح أن الشرع الحنيف قد وجه نظر الإنسان إلى أن يتعامل مع الكون من حوله تعامل الشاكر للمنعم سبحانه وتعالى، مع فهم دقيق لحقيقة الشكر التي توجب العمل لا مجرد نطق اللسان، لافتا إلى أن الواقع يشهد أن الإنسان، خاصة المعاصر، قد أسرف كثيرًا في الاهتمام بذاته، والعناية بملذاته، حتى صار إنسانًا مستهلكًا، غاضًا الطرف عن المنهج الأخلاقي الحضاري الذي يصون الحياة والأحياء، مؤكدا أن الإنسان كلما كان متعلقا بهذا المنهج الأخلاقي الحضاري كان أكثر قربًا من الإحسان الذي أمر أن يتعبد به لله رب العالمين، والذي يفيض على البيئة ومكوناتها صيانة وعناية.

وشدد على أن المجتمع المدني بكل مؤسساته، هو شريك أساسي في صناعة التنمية، ولا يمكن الاستغناء عنه؛ لما له من دور مؤثر ميدانيًا وتوعويًا من خلال اتصاله المباشر بالمواطنين بكل فئاتهم، وبما يتيحه لهم من فرص مشاركة حقيقية تمكنهم من الاستجابة الفاعلة والتكامل مع جهود الدولة.

وأشاد وكيل الأزهر بوعي الدولة المصرية وقيادتها الرشيدة، تجاه المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية، واهتمامها البالغ بهذه القضية، والذي تجلى في مشاركة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أعمال قمة المناخ في باريس عام 2016م، وتوقيع مصر على اتفاقية باريس للمناخ ضمن 194 دولة، بالإضافة ترجمة تلك الخطوات إلى واقع عملي في رؤية مصر 2030م، من خلال وجود نظام بيئي متكامل ومستدام يعزز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر الطبيعية.

وأضاف وكيل الأزهر، أن من أبرز الإيجابيات التي تدل على أن مصر دولة "عمل لا كلام" تجاه قضية المناخ، هو تبني مشروعات تساعد في المحافظة على البيئة، وتعمل على مواجهة التغيرات المناخية، مثل؛ الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإنشاء محطات رصد لنوعية الهواء المحيط على مستوى الجمهورية، وربط العديد من المنشآت الصناعية بالشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية، بالإضافة إلى استضافة مصر للدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغير المناخ خلال الفترة من 7 - 18 نوفمبر القادم، والذي سيقام في مدينة شرم الشيخ.

وأكد د.الضويني، أن مؤسسة الأزهر لم تأل جهدا في سبيل التوعية بخطورة التغير المناخي، حيث وضعت هذه القضية المهمة على قائمة أولوياتها، ونادت في أكثر من محفل بأهمية تدارك هذا الأمر، وأخذت على عاتقها التوعية والإرشاد وتدشين المبادرات والمؤتمرات والمنتديات، وتحرك الأزهر جامعًا وجامعة لهذه القضية الخطيرة، حيث دعا الأزهر إلى «عدم إلحاق الضرر بالأرض التي وهبنا الله إياها نظيفة نقية صالحة للحياة، والابتعاد عن كل الممارسات الخاطئة التي تضر بها وتؤثر على حياة البشر».

وأضاف، أن جامعة الأزهر قد أسست لجنة «خدمة المجتمع وتنمية البيئة» من أهدافها جعل الجامعة صديقة للبيئة ومنتجة للطاقة الشمسية، كما تبنى قطاع المعاهد الأزهرية، برامج لتوعية التلاميذ حول الحفاظ على البيئة، وأطلق مجمع البحوث مبادرة «مناخنا حياتنا»، وعقد الأزهر بروتوكول تعاون مع وزارة البيئة؛ لتعزيز سبل التعاون المشترك في مجال التوعية الخاصة بالبيئة على مستوى الجمهورية.

وأكد وكيل الأزهر أننا في حاجة ماسة إلى بث روح الجمال مرة أخرى في نفوس الناس، وإلى أن نعيد قراءة الكون القراءة الحقيقية التي قرأها من سبقنا من علمائنا الأكابر، فعمروه وملؤوه جمالًا أدهش كل من أتى بعدهم، مشددًا على أن البيئة بكل مكوناتها أمانة في أعناقنا، ويجب أن نحافظ عليها؛ لتبقى صالحة كما أرادها الله، وليستمتع كل جيل بحقه منها كما استمتع من سبقه.

يأتي ذلك بالتزامن مع عقد جامعة الأزهر منتداها الدولي الخامس حول التغيرات المناخية، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر، د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، حيث يأتي هذا المنتدى قبل أيام من استضافة مصر للمؤتمر العالمي (COP 27) المقرر انعقاده بمدينة شرم الشيخ، من أجل استكمال الجهود التي تبذلها جامعة الأزهر في دعم جهود الدولة في التوعية بقضايا التغيرات المناخية لأجل المساهمة في تقديم حلول إيجابية تحد من التغيرات بأساليب علمية.

وبدوره، قال الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر، إن جامعة الأزهر ستظل داعمة لجهود الدولة المصرية المناهضة لقضايا التغير المناخ، والتي لم تعد آثارها السلبية قاصرة على بلد دون آخر، مؤكدا أن من له يد في إحداث تلك التأثيرات، ومن ليس له يد يعاني من ويلاتها، وهو ما جعل العالم يوقن بأنّ السلام مع الطبيعة والفطرة الإلهية هما الملاذ الآمن.

وأوضح، أن الثورة الصناعية الكبري مثلما كان لها منافع، كان لها آثار سلبية، مؤكدا أن العالم قد استيقظ مؤخرًا علي كارثة مناخية تهدد البشرية، بما يوجب على الجميع أن يشترك في مواجهة تلك الكارثة.

من ناحيته، لفت الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، إلى دعوة الجامعة لكافة الجهات والمعنيين للتكاتف والتفاعل، لصياغة سياسات ووضع آليات، تسهم في رفع الوعي المجتمعي بالقضايا البيئة لمجابهة التغيرات المناخية، والتعامل مع هذه التغيرات وفق نسق بيئي منضبط يحد من خطورتها ويقلل من آثارها.


وأشاد صديق بجهود الدولة المصرية من أجل إنجاح مؤتمر COP 27  بصورة تليق بمكانة مصر وتاريخها الإنساني الكبير، من أجل دعم الجهود الدولية تجاه كل القضايا المصيرية، كما أن اللقاءات العلمية تهدف إلى الوقوف على الحقائق العلمية وتبني سياسات تنفيذية وفق رؤية عامة من أجل مجابهة التحديات، وتضع رؤية علمية لخطة عمل تفصيلية من شأنها أن تحدث أثرا إيجابيا في قضية التغيرات المناخية.


وأوضح، أن عددا من التوصيات الخاصة بتعزيز دور المجتمع المدني في مواجهة التغيرات المناخية في العديد من القطاعات، حيث جاءت كالتالي:

أولا: قطاع الزراعة:

1- تعزيز برامج وسياسات الحماية البيئية للمجتمع الريفي، وتعزيز قدراته للحد من التغيرات المناخية والتكيف معها وخاصة مقومات المجتمع الريفي؛ من (استعمالات الأراضي – الثروة الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية) نتيجة للتغيرات المناخية.

2- دعم قدرات المجتمع الريفي لإدارة موارده ومخرجاته للحد من الهجرة الداخلية نتيجة للتغير المناخي.

3- تعزيز قدرات قطاع الزراعة للعمل على استنباط محاصيل حقلية وبستانية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، والتوسع في زراعتها.

4- رفع كفاءة البحيرات المصرية والعمل على تطهيرها وتطويرها ورفع كفاءة الاستزراع السمكي.

ثانيا: قطاع الصحة والسكان:

1- العمل على وضع استراتيجية جديدة تهدف للحد من المخاطر الصحية المتوقع حدوثها بسبب التغيرات المناخية، وتعزيز الحلول الذكية لتمكين المعاقين جراء الكوارث المناخية.

2- تعزيز دور منظومة الاتصالات، وخاصة في القرى الأشد احتياجا للخدمات الصحية عن طريق برامج (الرعاية الصحية عن بعد)؛ لتوفير كافة الاختصاصات الطبية من خلال برامج On-line.

ثالثا: قطاع الإعلام والخدمات المجتمعية

1- دمج العمل الإعلامي والسوشيال ميديا في استيراتيجية مجابهة للتغيرات المناخية، وتعزيز الجهود بينها وبين كافة مؤسسات الدولة.

2- تعزيز كفاءة القطاع الدعوي الديني؛ ليشمل أسباب التغير المناخي والمخاطر الناجمة عنه، ودور المجتمع في الحد من التغيرات المناخية.


رابعا: قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة

1- دعم منظومة استبدال سخانات المياه الكهربائية بالسخانات الشمسية للحصول على المياه الدافئة ودعم منظومة التوليد المنزلي للطاقة الشمسية، وإنشاء شركات صغيرة لتركيب وصيانة وإدارة هذه المنظومة تملك لشباب المستهدفين من منطقة العمل.  

2- تشجيع العمل باستخدام الغاز الحيوي وخاصة في المناطق الريفية.

خامسا: قطاع النقل والمواصلات

1- حث المجتمع المدني لاستخدام سيارات النقل الجماعي، وتشجيع توفير مواصلات نقل جماعي صديقة للبيئة مريحة لراكبيها بديلًا عن السيارة الخاصة.

2- تشجيع ركوب الدراجات خاصة في المسافات القصيرة.

3- تحويل مركبات "التوكتوك" لسيارات فان صديقة للبيئة للقضاء على عشوائية نظام العمل بالتوكتوك.

سادسا: قطاع الرصد البيئي

1- التوسع في أنظمة الرصد البيئي بإنشاء نظم الإنذار المبكر خاص التنبؤ بالتغيرات المناخية الحادة مثل الأعاصير والسيول.

2-  إنشاء خريطة محدثة للجزر الحرارية المتوقعة داخل جمهورية مصر العربية مبين عليها التوقعات المستقبلية من سيول وعواصف وفيضانات وجفاف، والعمل على وضع الحلول المستقبلية لمجابهة هذه الكوارث البيئية.

3- تأسيس نظام ذكي قادر على المتابعة والتقييم للتغيرات المناخية.

سابعا: الحوكمة والسياسات:
1- وضع خطة قابلة للتنفيذ تتضمن سياسات وآليات متربطة بخطة زمنية لكل قطاعات الدولة للتكيف المناخي.

2- العمل على وضع محور جديد في برنامج الحكومة القادم (2023- 2025) خاص بالنهوض بالمجتمع المدني للحد من التغيرات المناخية، يتبني السياسات المحلية والعالمية التي صدرت والتي ستصدر من مؤتمر المناخ Cop 27 الذي سيعقد بمدينة شرم الشيخ، يضمن الأمن البيئي للمجتمع المصري وسياسات وآليات تحقيق الحياد الكربوي في مصر.

3- وضع قانون جديد للحياد المناخي داعم للقانون البيئي، ويعمل على تخفيف آثار التغير المناخي ومنع آثاره السلبية كحق من حقوق الإنسان، كذلك يتضمن المساءلة والإنصاف الفعال من أضرار تغير المناخ على المجتمع المدني.

4- تشديد العقوبات للحد من تلوث البحيرات والمجاري الإقليمية المصرية.