عاصرت جميع رؤساء مصر.. «عطيات» أميّة حفظت القرآن وتقرأ الجرائد «فيديو»
ارتسمت ملامح وجهها بالتجاعيد، باتت عيناها شديدتي الضيق، تمتعت بروح دعابة جعلت الجميع ينجذب إليها، ابتسامتها الجميلة سر حب الناس لها، العمر بالنسبة لها مجرد أرقام، عاصرت وشهدت على العديد من الأحداث جعلت منها سيدة قوية، امتلأ قلبها بالإيمان والصبر، أحداث شكلت حياة الحاجة عطيات عفيفي، والتي تجاوز عمرها الـ97 عاما مما يجعلها معمرة، عاصرت خلالها ظروفا اجتماعية واقتصادية مختلفة شاهدة على مراحل تاريخية للمحروسة.
الحاجة عطيات عفيفي جاد، صاحبة الـ97 عاما، ولدت في محافظة المنوفية، عاصرت الملكية والجمهورية منذ وقت الملك فؤاد وحتى الوقت الحالي، شهدت على كافة الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت على البلاد، كونت منها شخصية مطلعة ومثقفة على الرغم من أنها أميّة لم تلتحق بالمدارس سوى الصف الثالث الابتدائي، إلا أنها كانت على قدر عال من الذكاء والاستيعاب جعلها مدركة لكافة المشاهد التي تحيط بها.
الاحتلال الإنجليزى
كانت الحاجة عطيات طفلة ما زالت بالضفائر، فتحت عيونها على الاحتلال الإنجليزي ومدى بغض المصريين لهم لتعرضهم لقهر وظلم، مما جعل منها طفلة عنيدة قوية "كنت بستخبى ورا الشجر وأحدف العساكر الإنجليز بالطوب بالنبلة"، وأشارت الحاجة عطيات إلى أنها عاصرت الملك فؤاد والملك فاروق "الملك فؤاد كان ملك مصر والسوادن وأما مات قولنا يحيا فاروق ملك مصر والسودان بس كان فاشل وعشان كدا الثورة قامت".
وتابعت أنها على دراية كبيرة بالأحداث التاريخية خاصة أنها عاشتها لحظة بلحظة، كما أنها عاصرت الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة التي تزوجت فيها وعاشت فترة بمحافظة المنوفية إلى أن انتقلت للقاهرة وهي مرحلة جديدة وانتقالية في عمرها.
أميّة حفظت القرآن وتقرأ الجرائد
تقول الحاجة عطيات إنها على الرغم من أنها لم تكمل تعليمها واكتفت حتى الصف الثالث الابتدائي، إلا أنها تمكنت من صغرها من إجادة القراءة والكتابة، فقد اعتادت على قراءة الجرائد اليومية والقرآن الكريم، لافتة إلى أنها تزوجت وهي في عمر الـ14 عاما وسرعان ما أنجبت حتى وصل عدد أبنائها إلى 5 وبنت واحدة.
واستكملت حديثها بأنها كانت تحرص على المذاكرة مع أبنائها حتى لا تفقد قدرتها على القراءة والكتابة والحفظ، مما جعل لديها مخزونا تعليميا وثقافيا كبيرا، "محدش حفظني القرآن أنا من كتر ما بقرؤه حفظته"، موضحة أنها محافظة على صلاتها وقيام الليل والصيام والأذكار كما أنها تقوم بختم القرآن مرتين في الشهر.
حرب الاستنزاف
وأضافت الحاجة عطيات أنها رزقت 6 أبناء، اثنان منهم شاركا في حرب الاستنزاف، "واحد فيهم قعد في الجيش 8 سنين"، مشيرة إلى أنها طوال الوقت على قدر عال من الفخر بأبنائها المشاركين في حرب الاستنزاف، وعلى الرغم من أنها فقدت جميع أبنائها على مراحل مختلفة، فإن قلبها تحلى بالصبر والإيمان.
وأوضحت أن فترة حرب الاستنزاف كانت عصيبة على المصريين جميعا، وكل من كان لديه أبناء كان يسعى لمشاركتهم في الحرب والبعض كان يطلب الشهادة من أجل الوطن، إلى أن مات الراحل جمال عبدالناصر ولكن الرئيس الراحل محمد أنور السادات استطاع استكمال مسيرته حتى شهدنا على نصر أكتوبر وعبور خط برليف "وقتها مكنش في مصري مش فرحان وكله كان عنده وعي باللي بيحصل في البلد".
فقدان أبنائها
تقول الحاجة عطيات إنها تعلقت بأبنائها جميعا بشكل كبير، خاصة أن زوجها توفي وهم في مراحل عمرية مختلفة وهي من استكملت المسيرة، وقبل وفاة زوجها أصيبت بحادث جعل هناك عجزا في قدميها لكنها تستطيع المشي، لافتة إلى أنها منذ أكثر من 18 عاما كانت الفجعة الأولى والصدمة الأكبر في حياتها والتي أنزلت الحسرة داخل قلبها حتى الوقت الحالي، وهو وقت موت ابنها والذي كان مصابا بتليف في الكبد، وبعدها توالت الصدمات وسقط أبناؤها واحدا تلو الآخر حتى كان آخرهم منذ عامين، فقدت آخر أبنائها الأولاد وابنتها الوحيدة.
"أنا راضية الحمد لله عمرى ما اعترضت على حكمة ربنا.. قلبي في سكينة ورضا الحمد لله"، هكذا علقت الحاجة عطيات على فقدان أبنائها الـ6 على مدار حياتها، مشيرة إلى أن حياتها كانت مليئة بالصدمات والأزمات إلا أنها استطاعت تخطيها كلها برحمة الله، "أنا عايشة لوحدى وأحفادي وأحفاد أحفادي وأمهاتهم بيسألوا عليا دايما كأن محدش من أولادي مات.. ومش عايز حاجة دلوقتي غير الستر وأفضل بصحتي لحد ما أموت.. وأنا لحد دلوقتي الحمد لله بصحتي معنديش أمراض مزمنة ولا حاجة".