رحلة معاناة زهير الشايب في ترجمة أجزاء من موسوعة «وصف مصر»
في كتابه "المنسيون ينهضون" يروي الكاتب شعبان يوسف أن المترجم زهير الشايب كان له ترجمته الفذة لموسوعة "وصف مصر" التي كتبها العلماء المصاحبين لحملة نابيلون بونابرت العسكرية على مصر في أواخر القرن الثامن عشر، حيث رصدوا وحللوا واكتشفوا أبعاد جديدة لبلادنا.
زهير الشاب يترجم 9 أجزاء من موسوعة "وصف مصر"
أشار "يوسف" إلى أن الموسوعة وصلت إلى أكثر من 30 مجلدا، كتبها مؤرخون وأدباء وأطباء ولغويون وعلماء آثار، وظلت هذه المجلدات لأكثر من قرن ونصف، لكن "الشايب" تحمس لنقل الموسوعة للعربية.
بدأ زهير الشايب ترجمة أجزاء الموسوعة على التوالي، جزءا جزءا، وتصدر الناشر الحاج محمد مدبولي، صاحب مكتبة مدبولي لنشرها، إلى أن انتهى "الشايب" من ترجمة ثمانية مجلدات ضخمة، ظهرت في حياته، وعثر على المجلد التاسع بعد رحيله.
ولفت شعبان يوسف إلى أن زهير الشايب نقل للعمل بجريدة الأخبار تحت رئاسة موسى صبري الذي لم يرحب به على الإطلاق، رغم ترحيب مصطفى أمين به، وتم مطاردة "الشايب" من "صبري" بتقليص كتاباته في الجريدة إلى أن أخفاه تماما، أضاف: "وكان ذلك مجاملة لأنيس منصور كما كان يتردد يقوة آنذاك".
بعدما ضاقت الحياة على زهير الشايب، دعاه الكاتب الصحفي سيد نصار لتأسيس جريدة "يوليو" في قطر، فسافر رفقة أولاده وزوجه، واجتمع هناك مع وزير الإعلام، ووضع الوزير العلامات والخطط التي ستدشن على أسسها المجلة، لكن "الشايب" لم يرق له الأمر، وطالب بزيادة أعداد العاملين في المجلة، وطالب بأن الجريدة تحتاج إلى 30 محررا، واعترض الوزير على الاقتراح، وأيد "نصار" وصديقهم الثالث الوزير، وهاجموا "الشايب".
وأنهى التعاقد مع زهير الشايب بقرار من وزير الإعلام القطري، بالإضافة لقرار ترحيله فورا، إذ لم يكن قد أكمل مدة شهرين هناك، وعاد إلى مصر لتهاجمه ذبحة صدرية.
في كتابه "في تلك السنة" وصف أنيس منصور، زهير الشايب، بأنه انتحاريا أو ذو إرادة حديدية، لأنه أقدم على ترجمة كتاب "وصف مصر"، مضيفا: "لابد أنه حديدي الإرادة أو إنه إنسان انتحاري، أما أن إرادته من حديد فلا شك، أما أنه انتحاري فلم يكن كذلك، وإنما عاجله الموت في سن صغيرة وهو لم ينشر من هذه الموسوعة إلا 9 أجزاء، وهي تعادل مجلدا من مجلدات الموسوعة التسعة".
وأكد أن "الشايب" كان يعمل معه في مجلة "أكتوبر" وأهداه المجلدات، التي يمكن أي أحد يتوقع شعبيتها ونجاحها.
رحلة زهير الشايب
بدأ رحلة زهير الشايب من قرية البتانون، محافظة المنوفية، وحصل على دبلوم المعلمين الخاصة من معهد شبين الكوم عام 1957، وانتسب في نفس الوقت بكلية "الآداب" حيث حصل على الليسانس عام 1959.
التحق"الشايب" بمعهد المعلمين لضمان وظيفة مردس في أسرع وقت، وعمل مدرسا في مدرسة "عمرو بن العاص" عام 1958.
وفي فترة الوحدة بين مصر وسوريا، وبعد حصوله على ليسانس الآداب، عمل مدرسا بمدرسة عثمان الحوراني في سرويا، وعاد إلى القاهرة بعد الانفصال عام 1961.
نشر الجزء الأول والثاني من ترجمته لكتاب "وصف مصر" على نفقته الخاصة، رغم ظروفه المادية القاسية، وترك 3 مجموعات قصصية، "المطاردون"، "المصيدة"، "حكايات من عالم الحيوان"، وترجمة المسرحية موتى بلا قبور لجان بول سارتر، وترجمة كتاب ماريل كولمن عن تطور مصر في عام 1942 لـ 1950، وترجمة فصول من التاريخ الاجتماعي للقاهرة لأندريه ريمون.