كتاب «عايدة فهمي» يكشف تورط الإنجليز في تأخر المرأة المصرية
صدر حديثا عن الهيئة العامة للكتاب كتاب "عايدة فهمي.. امرأة من طراز خاص" "شهادة نادرة لأول نقابية بالقطاع الصناعي في مصر" جمع وإعداد الكاتبة الصحفية والباحثة انتصار بدر وجاء بتقديم للكاتبة الصحفية فريدة النقاش، وجاء الكتاب في 253 صفحة من القطع المتوسط.
يتناول الكتاب سيرة واحدة من أوائل المصريات الرائدات في مجال العمل النقابي وهي "عايدة فهمي" والتي فتحت الباب للمرأة المصرية للحق في العمل النقابي.
تلفت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش عبر مقدمتها للكتاب "تخبرنا بعض التفاصيل الصغيرة كيف أن الحركة الصهيونية كانت تشارك بنشاط في الإعداد لقيام دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، ورغم حذر عايدة وحيائها لم تستطع أن تتجاهل وهي ترصد عمق التغير الاجتماعي والاقتصادي الذي حدث في مصر في تلك المرحلة الفاصلة من تاريخها الحديث بعد الحرب العالمية الثانية".
وتتابع النقاش: "لم تستطع المناضلة النقابية الباسلة أن تتجاهل التعصب الديني ضدها كمسيحية نادت بأن الدين لله والوطن للجميع وهو أحد الشعارات الأساسية للثورة الوطنية المصرية عام 1919: كان موقف عايدة هنا هو احد ابرز مكونات تقدمها الفكري الذي جعلها تنتقد مبكرا جدا عملية تقسيم العاملين والأجور بين موظفين وعمال وتأسيس النقابات على هذا المبدأ الي ظل ساريا حتى الآن.
واستطردت: توصلت عايدة فهمي إلى بناء سمعتها الطيبة التي مكنتها لا فحسب من النجاح، وإنما بوسعنا أن نقول الاكتساح في غالبية الانتخابات النقابية التي خاضتها وإن فشلت في الدخول إلى مجلس الأمة في أول انتخابات شهدتها البلاد طبقا لدستور 1956 الذي منح النساء حق الترشح والتصويت لاول مرة بعد كفاحهن الطويل من أجل هذا الحق".
وعلى حد تعبير النقاش: "سجلت عايدة فهمي الجانب الإيجابي للوجود الإنجليزي في مصر من زاوية التحديث حيث أنشأوا وحدة للسينما في شركة شل للبترول التي كانت عايدة تعمل بها رغم فضحها لإستراتيجية المستعمر فرنسا كان أو إنجليزيا وتقول عايدة فهمي أن الإنجليز هم سبب تأخر المرأة فقد أصدروا قرارا بحرمان المرأة المدرسة من الزواج لمدة خمس سنوات.
وتقول انتصار بدر إن آخر حديث جرى بينها وبين عايدة فهمي قالت فيه: "عندما أنظر إلى تلك الأعداد الغفيرة من النساء وهي تخرج كل صباح متجهة إلى ساحات العمل المختلفة، أشعر بارتياح، فقد تكللت جهودنا بالنجاح، ولكن ما يحزنني أن أيا منهن لا تعرفن ماذا فعلنا نحن لنفتح لهن تلك الأبواب التي كانت فيما مضى ممنوعة عليهن".
وأكدت أن ماقالته عايدة فهمي حول جهودها وجيلها لخروج النساء للعمل كان هو السبب في اللقاء بها، كان دافع ومحرض لرصد وتوثيق شهادتها ومشوارها وتاريخها النقابي، فما نعرفه عن جهود الجيل الأول من النقابيات، لتحسين شروط عمل النساء ودورهن في الحركة العمالية قبل الخمسينيات من القرن العشرين، لايتعدى سطور مقتضبة في كل ماتناولته الدراسات التي اهتمت بتاريخ الحركة العمالية والنقابية في مصر، أو في المذكرات الشخصية القليلة التي تركها لنا العمال.
يأتي هذا الكتاب ليسد ثغرة كبيرة في تاريخ الحركة العمالية والتواجد النقابي للنساء في الفترة من النصف الأول من القرن العشرين خاصة ان كل ما ورد عن دور المرأة في الحركة النقابية في العديد من الدراسات هم نقابتين فقط شاركت النساء في مجالس إداراتها، ورابطة لعاملات النسيج في النصف الأول من القرن العشرين ، النقابة الأولي هي الحكيمات التي تأسس عام 1920 ، على خلفية حركة عمالية ونسائية نشطة برزت كقوة اجتماعية مؤثرة في ثورة 1919.
ولفت انتصار بدر الى أن سجلت نقابة الموسيقيين التجربة الثانية لإنشاء شواهد هذا الصدام في انتخاباتها التأسيسية عام 1942 حين استخدمت صفة المرأة باعتبارها وصمة في حق السيدة أم كلثوم، صاحبة فكرة تأسيسها لإبعادها عن الترشح على منصب نقيب الموسيقين، وإسقاطها خلال الانتخابات لكن شخصية أم كلثوم حسمت المعركة، لتفوز في النهاية بمقعد النقيب.
وأكدت الباحثة على أن نقابة الموسيقيين استمرت لـ7 دورات متتالية، إلا أن الوجود النقابي للمرأة منذ عام 1942 حتى عام 1949 ظل قاصرا على نقابة الموسيقيين فقط من بين 465 نقابة موجودة آنذاك، ولم يتم رصد هذه التجربة تفصيليا، ورغم وجود أم كلثوم وسط كوكبة من المفكرين والشخصيات العامة والإعلاميين.
ثم تأتي رابطة عاملات النسبج التي اسستها حكمت الغزالي عام 1946 ضمن تشكيلات اللجنة التنفيذية للطلبة والعمال التي خاضت مظاهرات ضخمة 12 فبراير عام 1946 ضد الملك والإنجليز.
ثم تأتي نقابة موظفي شركة شل آبار الزيت الإنجليزية المصرية "النصر للبترول حاليا"، التي تأسست عام 1948 لتسجل مبادرة جديدة لـ التحاق المرأة بالعمل النقابي عام 1949 بانضمام "عايدة فهمي"، وهي المرأة الأول التي تتقدم فيها أمرأة للعمل النقابي بشركات الإنتاج الصناعي الكبري، ولم تقف عن هذا الحد بل واصلت تقدمها لمواقع نقابية أخرى بقطاع البترول كانت مغلقة تماما على الرجال مثل "اتحاد عمال البترول، والنقابة العامة للبترول ، إلى ان وصلت لعضوية المجلس الاستشاري للعمل عام 1956 لتصبح أول امرأة تفوز بعضويته منذ تاسيسة عام 1933.