صراع الحقيقة.. هل يواجه «جيل Z» أزمات عالمية مع فشلهم في امتلاك منزل؟
تحسنت الحياة بالنسبة لمعظم الأفراد حول العالم في الخمسينيات من القرن الماضي، ففي ذلك الوقت على الأقل كان من السهل شراء منزل، لكن الآن قد يكون الأمر أكثر من مجرد أمر صعب بل بات أقرب للمستحيل.
صحيفة «الجارديان» البريطانية أجرت مقارنة بين جيل مواليد عام 2000 أو ما يطلق عليهم جيل «Z» وبين جيل الخمسينيات من القرن الماضي.
وتبلغ إميلي من العمر 72 عامًا، تركت المدرسة بعد حصولها على «مستويات A» في التعليم، وانضمت إلى شركة محاسبة محلية كمساعد كتابي، وتكفلت شركتها بتكاليف مؤهلاتها المحاسبية أثناء عملها، ثم تزوجت في سن 23 عامًا، واشترت منزلها الأول مقابل 12 ألف جنيه إسترليني مع شريكها واليوم، قامت هي وزوجها بسداد الرهن العقاري لمنزلهما البالغ 600 ألف جنيه إسترليني ولديهما وعاء ادخار صحي ودخل مشترك قدره 50 ألف جنيه إسترليني من معاشاتهم التقاعدية.
وعلى الجانب الآخر، تبلغ إيما من العمر 27 عامًا، أرادت أيضًا أن تصبح محاسبة، لذا ذهبت إلى الجامعة للحصول على شهادة في الأعمال التجارية، وحصلت على أول وظيفة محاسب متدرب لها وهي في الـ 22 من عمرها وكانت تتحمل الضرائب، وتدفع 9% من دخلها فوق حد 20 ألف جنيه إسترليني لسداد قرض الطالب الخاص بها، ونظرًا لمعدلات الفائدة على قرضها ، تتوقع أن تفعل ذلك حتى أوائل الخمسينيات من عمرها، كما أنها تنفق أكثر من نصف دخلها في استئجار غرفة في منزل مشترك، ولكنها سترغب في شراء شقة بغرفة نوم واحدة مع شريكها في السنوات القليلة المقبلة، لكن ليس لديها مدخرات أو أهل يمكنهم مساعدتهم بين الإيجار ودفعات قروض الطلاب.
وفقًا للصحيفة، فإن وضع إيما في عام 2022 ليس جيدًا، كما أنه يزداد سوءًا بشكل تدريجي ففي عام 2037، ستتمكن من استئجار شقة من غرفتي نوم بدون حديقة لكنها ستكون حياة صعبة مع طفلين دون العاشرة من العمر، وستستمر هي وزوجها في إنفاق معظم دخلهم على الإيجار.
وتابعت أنه بعد عشر سنوات، اضطروا إلى الانتقال من أجل مدارس أطفالهم أو بسبب قيام الملاك برفع قيم الإيجار، وهم لا يزالون في شقة صغيرة قلقون بشأن التقاعد في غضون 20 عامًا، فليس لديهم مدخرات ومعاشات تقاعدية رديئة ولا يعرفون كيف سيستمرون في دفع الإيجار بمجرد توقفهم عن العمل.
ما الفرق بين جيل الخمسينيات وجيل الألفية
وأكدت الصحيفة أن إميلي وإيما هما شخصان خياليان، لكنها نماذج جيدة لما يحدث، فالاختلاف الأكثر أهمية بينهما هو أن إميلي ولدت في عام 1950، وإيما في عام 1995، فخلال السنوات الـ 45 بين الإثنين تحسنت الحياة كثيرًا من حيث متوسط العمر وأصبح التفاوت أقل بين الجنسين، ونتائج تعليمية أفضل، والمزيد من السفر الدولي، وفوائد التكنولوجيا.
لكن هناك فجوة بين قدرات كل منهما على تحقيق منزل لائق وآمن لهم ولأسرهم، فغالبًا عندما نتحدث عن الصعود إلى سلم الإسكان كميزة مالية وبالطبع الذين في جيل إميلي من جيل طفرة المواليد الذين اشتروا منازلهم وقد حصدوا مكاسب مالية كبيرة من ارتفاع أسعار المنازل الآن، مع عدم وجود أي حلول تلوح في الأفق لهذه الأزمة، فملاك المنازل الأكبر سنًا عددهم أكبر، وبالتالي إدخال أي تعديلات على أسعار المنازل المستأجرة لن يكون أمر وارد.
وأضافت أن شراء منزل الآن هو الطريقة الوحيدة لضمان الأمان خلال مراحل الحياة التي ما زالت تنتظر جيل "Z" في عام 2022، فمن المؤسف أن تكون مستأجرًا في منتصف العشرينات من العمر في عام 2022، نظرًا للطريقة التي ارتفعت بها الإيجارات في العامين الماضيين؛ مع حقيقة أنه، حتى قبل بضع سنوات، كان المستأجرون يدفعون أعلى إيجارات في أوروبا، حيث ينفقون 36٪ من دخلهم على الإسكان مقارنة بـ 12٪ للمالكين المرهونين؛ والحالة المروعة للكثير من المعروضات وحقيقة أنه ليس لديك فكرة عن المكان الذي ستعيش فيه بمجرد انتهاء عقد الإيجار.
وأشارت الصحيفة أن الشباب يروادهم كابوس دائم وهو أنهم يخضعون لأهواء مالك العقار والإسكان دون المستوى المطلوب، فحوالي ربع المنازل المستأجرة للقطاع الخاص لا تفي بمعايير المنازل اللائقة، فعندما يكون لديك أطفال صغار، تقلق بشأن موعد الخطوة التالية، إلى أي مدى ستضطر للانتقال بين مدينة وأخرى، ونقل الأطفال لمدرسة جديدة والعمل على تكوين أصدقاء جدد.
أسباب صعوبة امتلاك الشباب لمنازل خاصة
وأضافت أن القسوة تكمن في اقتراب سن التقاعد، فعندما يحين الأمر مع وجود نظام تقاعد حكومي وخاص لم يتم تصميمه ببساطة للأشخاص الذين لم يسددوا بالفعل رهنهم العقاري أو الذين ليس لديهم الأمان طويل الأجل والإيجارات الخاضعة للرقابة السكن الاجتماعي، يكون الأمر أشبه بالكابوس.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من الأهمية الكبرى لوجود سكن وأنها شئ أساسي للحياة، إلا أن مخزون امتلاك الوحدات السكنية تراجع بقوة خلال السنوات الأخيرة، ما يعني أن الجيل الجديد لن يستطيع امتلاك منزل في القريب العاجل.
وتابعت أنه سيكون جيل كامل من الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر الآن لن يمتكلوا أبدأ منزل، وسيكون خيارهم الوحيد هو الاستئجار من المالك الأصلي، مع تضخم القطاع العقاري الخاص لاستيعاب مثل هذه الأزمة، حيث تضاعف حجمه في غضون عقد من الزمان فقط.
وقالت الصحيفة إن هذه واحدة من عدد من الأزمات الاجتماعية التي تلوح في الأفق والتي رفض القادة السياسيون في الغرب التعامل معها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى السياسة، فأي حل لهذا الأمر سيعيد التوزيع بشكل فعال بين المالكين، الذين هم أكبر عددًا وأكثر احتمالًا للتصويت من المستأجرين، ولكنه يعود أيضًا للاقتصاد، فقد كان النمو في الاقتصاد البريطاني مدفوعًا بشكل كبير بالإنفاق الاستهلاكي المدعوم بفقاعة الإسكان وليس بشكل كافٍ من خلال الاستثمار التجاري والصادرات.