«الكلبيون».. كتائب نشر السواد فى حياة المصريين
أخطر فريق فى مصر الآن هم «الكلبيون» أو «أحفاد كليبتوس».. أول مرة سمعت المصطلح ظننت أنه مشتق من «الكلاب»، لكن الحقيقة أن الكلاب حيوانات راقية جدًا، وتشبيه بعض البشر بها قد يكون إساءة للكلاب نفسها.. «الكلبيون» هم أحفاد «كليبتوس» وهو فيلسوف يونانى شهير كان له تلاميذ يعتنقون أفكاره.. لم يكن كليبتوس يؤمن بشىء سوى بالعدم، والتشاؤم، والعدوانية.. وإذا قابل شخصًا يحمل وردة قال له «ولكنها ستموت فى النهاية».. وإذا قابل شخصًا يعد أكلة شهية ذكره بأنها ستتحول إلى غازات ذات رائحة نتنة فى بطنه.. إذا قابل من يعمر بيتًا أخبره بأن النوم فى العراء أفضل.. وإذا قابل من يصنع معروفًا ذكره بأن الناس لا تذكر الخير لصاحبه.. باختصار كان كليبتوس هذا شخصًا سامًا بتعبيرات هذه الأيام.. شخصًا مؤذٍيًا وأسود وعدم وجوده فى الحياة أفضل من وجوده بكثير.. «كليبتوس» هذا له تلاميذ وأحفاد يعيشون بيننا حتى اليوم ويسكن بعضهم فى وسائل التواصل الاجتماعى..وهذا فصيل آخر غير «اللجان الإلكترونية» و«النائحون بالإيجار» لمن يدفع.. إنهم أشخاص متشائمون لا يرون سوى اللون الأسود فى كل شىء، لا يعملون ويكرهون من يعمل، لا يفكرون ويكرهون من يفكر.. لا يحبون أنفسهم ولا بلدهم، ويكرهون من يحب نفسه وأهله ووطنه.. يخرج لى بعضهم فى تعليقات الفيسبوك أو وسائل التواصل الأخرى، أو ينتشرون للتعليق على الأخبار بشكل عام على مواقع الصحف.. «الكلبى» شخص يفح سمًا ويتنفس سوادًا.. فإذا قرأ خبرًا عن النيل، قال لك سنعطش حتى الموت، فإذا قلت له إن الفيضان زائد عن قدرتنا على التخزين وإن الله خذل من أرادوا بنا العطش.. التزم الصمت، إذا قرأ خبرًا عن افتتاح ١٢ جامعة أهلية جديدة فى تخصصات نادرة قال «إنها سبوبة» وإذا سألته عن دليله على هذا.. اختفى ولاذ بالصمت، رغم أن التجربة كلها جديدة ومن الصعب الحكم عليها، بالأمس كتبت مقالًا عن اجتماع القمة الخماسى بين قادة مصر والإمارات والأردن والعراق والبحرين، وقلت إن أساسه هو مشروع «الشام الجديد» فدخل جاهل ليعلق لى «الإمارات جاءت تشترى الأصول» وهذا جاهل عصامى، لأن أساس التعاون هو إنشاء مصانع جديدة بعشرة مليارات دولار استثمارات بين مصر والأردن والإمارات، وهذا مشروع موازٍ لتعاون مصر والعراق والأردن الاقتصادى وأساسه أن تحصل مصر والأردن على النفط العراقى، وأن يتم تكريره فى معامل التكرير المتقدمة فى مصر، وأن يصدر لأوروبا عبر الموانئ التى تم تطويرها جميعًا، وأن ترسل مصر الكهرباء للعراق الحبيب لحل أزمته، إذن نحن نتحدث عن مشاريع تعاون يتم دمجها، وتوسيع نطاقات التعاون فيها، ومن الوارد أن تتسع أكثر بعد عودة سوريا الشقيقة لجامعة الدول العربية، لأن أحدهم دخل يسألنى «وأين سوريا»؟ وهو صديق كلبى من نوع آخر.. لا يرى سوى النقص فى المشهد.. لأن الأساس أن نفرح بتعاون خمس دول، ونحلم بانضمام الباقى، لا أن نحزن على تعاون خمس دول لأن الدولة السادسة غير موجودة، ولكنها طريقة التفكير «الكلبية» مع كامل الاحترام للصديق صاحب التعليق.. أنا شخصيًا من المتفائلين بالتعاون العربى- العربى، ونواته هذه المرة الدول الثلاث التى كانت نواة «مجلس التعاون العربى» وهو كان واعدًا لكن غزو العراق للكويت دمر التجربة ودمر العراق نفسه للأسف، الآن يتم التعاون على أسس أخرى، ويعود العراق للصف العربى بقوة، ورئيس وزرائه يعى قيمة العرب وقيمة مصر بالتحديد، ويرى تجربة الدولة المصرية ملهمة لكل من يريد أن يحافظ على وطنه، وهى كذلك بالفعل، ينطبق نفس الأمر على قيادات باقى الدول التى تعى قيمة مصر جيدًا وتعرف كيف عبرنا مما كان مخططًا لنا، لكن البعض لا يرى فى الحياة سوى اللون الأسود لأنه يعبر عما بداخله.. كن مصريًا ولا تكن «كلبيًا»، فالكلبيون لم يبق منهم شىء سوى العدم.