أستاذ بجامعة الأزهر: الجماعات الإسلامية تتظاهر بالدين بغير مناسبة
قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوى، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، إن من الآفات التي سرت إلى المجتمع المصري مؤخرًا؛ ما أحدثته الجماعات الإسلامية فيه من التظاهر بالدين بمناسبة وبغير مناسبة، حتى سرى هذا المعنى في كثير من المصريين من حيث لا يشعرون، فمن ذلك التذكير بصيام الأيام البيض من كل شهر، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة، وست من شوال، وقيام ليلة القدر، واغتنام عشر رمضان، وعشر ذي الحجة، وإخراج زكاة الفطر حبوبا، وعدم الأخذ من الأظافر والشعر لمن نوى الأضحية، وهذه- كما ترى- سنن يذكر بها الخطباء على المنابر في حينها، أما أن تتحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى كرنفال شعبي للتذكير بتلك المناسبات؛ فهذا أمر محدث في بلادنا، تأثرًا بمنهج هذه الجماعات التي تريد أن تجعل من الناس كلهم وعاظًا ودعاة وعلماء.
وأوضح "العشماوي": لعلك تعلم أن بعض من يذكر المسلمين باغتنام هذه المواسم؛ ربما هو لا يغنتمها، فأصبح التظاهر بالدين ظاهرة اجتماعية، سببها سريان الشعور الجماعي، لا أكثر ومن التظاهر بالدين الذي أحدثته هذه الجماعات؛ ما أسموه بالفرح الإسلامي، والبنك الإسلامى، والأذان الشرعي، والمايوه الشرعي، في مسميات أخرى كثيرة، حتى قرأت على باب محل تجاري يمتلكه بعض المنتمين إلى هذه الجماعات إعلانًا عن (مايوه حريمي شرعي قطعتين تونيك بزعبوط)، أي شرعية في ثياب تلتصق بجسد المرأة، وتشف عن عورتها، سواء سبحت به في البحر أم لم تسبح، ما هذا الهوس؟ بل ما هذا الجنون.
وأشار "العشماوي" عبر صفحته الرسمية، قائلًا: والقصد من هذا كله تزكية النفس بالتظاهر بالدين، وتقسيم المجتمع إلى مجتمع سني وآخر بدعي، ومجتمع يتحاكم إلى الشريعة، وآخر يتحاكم إلى القوانين الوضعية، ثم ينبني على هذا تكفير شق المجتمع المبتدع، الذي يتحاكم إلى القوانين الوضعية ولا يتحاكم إلى الشريعة، ثم الخروج عليه بالسيف، وهذا أمر شاهدناه عيانًا، ولم يخبرنا أحد به، ليحتمل خبره الصدق والكذب، ومن التظاهر بالدين تسمية المؤسسات الدينية - كالمساجد - والتعليمية - كالمدارس والمعاهد - والخيرية والاجتماعية - كالمبرات والمستشفيات - بتسميات دينية تشي بالعنصرية والتمييز الطائفي.
وأضاف: وصرت ترى أسماء مثل "الحضانة الإسلامية" أو "العيادة الإسلامية" أو "المركز الإسلامي"، ومن التظاهر بالدين المسيرات والمظاهرات واللافتات والأزياء التي ترفع شعارات مثل الجهاد، والدعوة إلى تحكيم الشريعة، ونصر قضية القدس، ودعم الأقليات المسلمة، إنني أفهم أن أرى الإسلام في سلوكك وأفعالك، فهذا خير دعاية للإسلام، أما أن تتحول حياتك كلها إلى مجرد شعارات ومسيرات ولافتات، ثم نرى ذلك في واد، وتصرفاتك في واد آخر، فهذا ما لا يمكن فهمه إلا على وجه تزكية النفس بالتظاهر بالدين، مع بعدها في الحقيقة عن الدين، والله تعالى يقول: "فلا تزكوا أنفسكم. هو أعلم بمن اتقى".