في ذكرى رحيلها.. من هي إيريس حبيب المصري؟
يوافق اليوم السبت، 2 يوليو، ذكرىرحيل إيريس حبيب المصري صاحبة قصة موسوعة الكنيسة القبطية في تسعة أجزاء.
وقال ماجد كامل، الباحث في التراث الكنسي، وعضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي: إن الراحلة تعتبر نموذجًا رائعًا للمرأة المصرية بوجه عام والمرأة القبطية بوجه خاص فهي صاحبة موسوعة خالدة في تاريخ الكنيسة ما زلات تعتبر واحدة من أفضل الموسوعات .
وتابع: أما عن إيريس حبيب المصري نفسها فلقد ولدت في يوم 10 مايو 1910 من عائلة ثرية تلقت تعليمها في كلية البنات الأمريكية مما أعطاها فرصة رائعة لاتقان اللغة الانجليزية كما أنها تعرفت في صباها علي العالم الكبير الأستاذ يسي عبد المسيح ( 1898- 1959 ) وكان يتقن اللغة القبطية قراءة وكتابة بحكم عمله كأمين لمكتبة المتحف القبطي فتعلمت علي يديه اللغة القبطية حتي أتقنتها تماما .
وواصل: بعد تخرجها من كلية البنات أوفدتها وزارة المعارف في بعثة إلي لندن لدراسة علم النفس وتربية الطفل لمدة ثلاث سنوات وبعد حصولها علي الدبلوم عادت الي مصر وعملت مدرسة بمعهد التربية التابع لوزارة المعارف شاركت في تأسيس "جمعية السيدات القبطية لتربية الطفولة " وفي عام 1953 جائتها فرصة لبعثة أخري لدراسة علوم القبطيات في جامعة "دروبسي " علي يد أستاذ أمريكي يدعي " كيروس جوردون " ولقد قامت بإلقاء سلسلة من المحاضرات عن مصر وعن الكنيسة القبطية في الإذاعة والتلفزيون الأمريكية وفي فروع جمعية اتحاد السيدات الجامعيات .
وأضاف: ولقد جاءتها الدعوة لكتابة تاريخ الكنيسة القبطية خلال تلك الفترة إذ سألتها أحدي السيدات الأمريكيات "إن كنتم لا تكنبون عن كنيستكم بلغة نستطيع أن نقرأها فلماذا تلومننا إن نحن جهلناها ؟!" فأعتبرت كلامها هذا نوع من التحدي لها فقررت فور عودتها إلي الوطن أن تركز جهودها علي كتابة تاريخ الكنيسة القبطية باللغة الإنجليزية حتي يستطيع الأجانب أن يقرأوه ورغبة منها أن لا تجعله مادة دراسية جافة.
وواصل: آثرت أن تكتبه في شكل قصة وأسمته "قصة القبط وذلك أسوة برائعة وول ديورانت ( 1885- 1981 ) ) "قصة الحضارة "في 22 جزء ؛ والتي لاقت – ومازالت - نجاحا عالميا كبير ثم عاتبها بعض الأقارب فيما بعد قائلين لها لماذا تكتبين للأجانب ولا تكتبي بالمثل لبني وطنك من المصريين فقررت لحظتها أن تعيد كتابة ما كتبته باللغة الإنجليزية مرة أخري إلي اللغة العربية وأرسلت مخطوطة الجزء الأول منها إلي الأب متي المسكين فأشار عليها أن تنشر الاقتباسات التي أقتبستها من الكتاب الأجانب بلغتها الأصلية في الهامش ثم ترجمتها باللغة العربية في نفس الهامش وذلك حتي تقطع الفرصة علي كل من يشكك في دقة الترجمة أو أمانتها وهذا ما فعلته بعد ذلك في كل كتبها
وأضاف عضو اللجنة البابوية: ولقد ذكرت في مقالة لها نشرت في مجلة مدارس الأحد بتاريخ "أبريل- اغسطس 1980 " بعنوان "مسار قصة الكنيسة القبطية " أن الهدف الرئيسي الذي وضعته أمامي عند كتابة "قصة الكنيسة القبطية " هو تقديم الدليل المادي المحسوس للعالم الغربي علي قدرة المراة القبطية علي الكتابة بلغة يفهونها لتعلمهم أمجاد الكنيسة القبطية ؛والهدف الثاني – كما ذكرت المؤرخة الكبيرة في نفس المقال – هو أن تبين للمواطن المصري سواء المسلم او القبطي الدور الوطني الكبير الذي لعبته الكنيسة القبطية علي مر العصور من خلال الثبات علي العقيدة الآرثوذكسية؛ حيث أن المعرفة الحقيقية لتاريخ كنيستنا المحبوبة من أهم الدوافع إلي تقوية إيماننا بالله ومحبتنا لوطننا وثقتنا بأنفسنا ومن فرط محبتها للدراسات القبطية ساهمت في إنشاء معهد الدراسات القبطية سواء بالتمويل أو بالتدريس في قسم التاريخ الكنسي بالمعهد .
وأكمل: ولقد عينها الرئيس الراحل محمد أنور السادات عضوا في مجلس الشوري في عام 1980 حيث كان معجبا أشد الأعجاب بكتابها عن قصة الكنيسة القبطية ولقد أبدي صراحة إعجابه الشديد بكتابها هذا في ثلاث مناسبات مختلفة المناسبة الأولي عندما ذهب ليعزي في رحيل قداسة البابا كيرلس السادس؛ إذ قال للآباء الحاضرين أنه حريص علي إعادة أمجاد كنيسة الإسكندرية والتي تعرف علي تاريخها من خلال كتب الأستاذة إيريس حبيب المصري المناسبة الثانية في الخطاب الذي ألقاه أمام القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية في 9 فبراير1977؛ حيث أشاد بكتابها وبالمقدمة التي كتبها لها الأستاذ المسلم أما المناسبة الثالثة والأخيرة التي أشاد فيها بكتابتها فلقد كانت في يوم 25 ديسمبر 1980؛ عندما ألتقي بأعضاء مجلسي الشعب والشوري من الأقباط وكانت فترة احتقان طائفي كبير فسألته أن يصنع مبادرة مع الكنيسة فأطرق برأسه قليلا وقال أمام جميع الأقباط الحاضرين "أنني مدين لك بالكثير وأنني تتلمذت علي كتبك ومؤلفاتك " ولقد توفت إيريس حبيب المصري يوم السبت 2 يولية1994 عن عمر يناهز 84 عامًا.