«جبريل طلع بيا السماء».. حكاية النبي الدكروري كما رواها عبد الرحمن الجبرتي
النبي الدكروري حكاية شاب كانت فى القرن الماضى، رصدها الكاتب مؤمن المحمدى، فى كتابه "مصر من ثالث"، حيث قال: "لما تمشى من ميدان العتبة فى اتجاه عابدين، وتوصل عند تقاطع شارع الجمهورية مع شارع قصر النيل، هيقابلك جامع، الجامع ده اسمه جامع الكخيا، الكخيا ده شخص، كان أمير اسمه عثمان كتخدا الكازدو غلى، وفى زمنه حصلت حكاية لطيفة من واحد دكروري، دكروري يعني إيه؟.
وأضاف المحمدى، أن كلمة بولاق الدكرور، الدكرور كلمة غير مصرية ولا عربية، أصلها من دولة مالى، ومالى كانت مقسمة إلى خمس أقاليم، واحد منها اسمه "التكرور" بـ التاء، بس المصريين كانوا بينطقوها الدكرور بـ الدال أسهل.
وتابع أن الطلاب كانوا يأتون إلى الأزهر من مالى، وتحديدًا من الإقليم "التكرور" وبعضهم فضل في مصر ولم يعود إلى بلادهم مرة أخرى، منهم سيدى الدكروري، لكن الدكروري الذي نتحدث عنه دلوقتى، دكروري تاني خالص، تعالى نشوف حكايته.
وأوضح أن الرجل الدكروري ذهب إلى شربين، ورجع حالته مبدولة شويتين ومتغير، وكان هذا الكلام سنة 1147 هجريًا حسب ما قاله المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي أشهر مؤرخى المسلمين آنذاك، وكنا في أوائل شهر رمضان، الناس التى حول الراجل الدكروري لاحظوا تغيره فسألوه قال لهم إنه نبى منزل من السماء، وإن جبريل بييجى له بالوحى وهكذا من هذه الأشياء.
الناس اتلموا عليه، ولما أصر على كلامه، ذهبوا به لـ الشيخ العماوي، كان من شيوخ الأزهر، فقعد يقرر الراجل، فصاحبنا لم يتراجع عن موقفه، بالعكس، زود على الكلام بـ تخاريف غير مقبولة زي إن جبريل خده فى ليلة 27 رجب، وطلع بيه السموات، وقال له روح بلغ الناس بـ الرسالة .
الشيخ العماوى سأله:
إنت عبيط يا ابني؟
لا، أنا نبى.
يا ابني مفيش حاجة اسمها كده.
وأشار الكاتب إلى أن الشيخ العماوي ظل يراجع فيه، المهم يمين شمال، ما أمكنش، فـ راحوا ضربوه وطردوه من الجامع، يبدو أن دعوة صاحبنا بدأت تلاقى زباين، لـ حد ما سمع بيه الأمير الكخيا، فـ جابه، وقرره فـ لقاه متمسك، بـ الحكاية دى، فحطة فى الموريستان "مستشفى المجانين" على أساس إنه معتوه، بس المشكلة إن أتباعه راحوا خرجوه من المستشفى وخبوه .
والى مصر ساعتها سمع بالحكاية، فأرسل الجنود وظلوا يدوروا عليه لحد ما عرفوا الناس مخبينه فين، فقرر الوالى إنه يعمل حل جذري للحكاية دى، فجابه فى القلعة، وفضل يقرره أو يحاول يخليه يتراجع عن اللي بيقوله، ما أمكنش، فقرر حبسه في العرقانة، وده سجن شهير بناه واحد اسمه الطواشي سرور شاد الحوش جوه الحوش السلطاني في القلعة سنة 895 هجريًا، فى زمن السلطان قايتباي.
قعدوه في الحبس استتابة ثلاث أيام وجمع الوالى العلماء وقال لهم نعمل فيه إيه؟ فأفتوا بـ قتله.
جابوا النبي الدكروري، وبلغوه إنه لو مرجعش عن اللى فدماغه، هيكون مصيره الإعدام، فكان رده عليهم: فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، فـ راحوا نفذوا فيه حكم الإعدام، وسابوا جثته ثلاث أيام لـ حد ما عفنت وراحوا دفنوه فى مكان مش معروف لـ العامة، خوفًا من إن قبره يتحول لـ مكان مقدس بين أتباعه من الغوغاء والعامة والدهماء.
الراجل اتقال فيه شعر بـ العامية، وبالمناسبة ماهوش الوحيد في التاريخ اللي كان كده، دى مصر شافت فى التلاتين سنة اللى فاتوا دول، يعني من التمانيات لـ دلوقتى 26 واحد زى كده بحسب دراسة عملها ياسر ثابت، فاكر منها كويس واحد ظهر فى إسكندرية أيام الثمانينيات اسمه صلاح بريقع كان له أتباع كتير، وكانت قضية هزت مصر كلها.