لماذا يتوافد قادة العرب إلى مصر
في الستينات من القرن الماضي وما أعقبها من سنين كانت مصر هي الواجهة التي يتجه إليها العرب فتدور البوصلة العربية مع مصر حيث تدور مصر في كل الاتجاهات، والسبب أن العرب وجدوا من مصر، الشحنة القومية، التي تؤهلهم للخلاص من الاستعمار وبناء مجتمعاتهم العربية وفق المنظور الذي انطلقت منه ثورة مصر في يوليو 1952 والتي كانت بارقة الأمل في توحيد الصف العربي والوقوف مع الشعوب العربية التي كانت تتهالك تحت استعمار بغيض، فتجمع العرب بقلوبهم نحو قائد واحد ليتخذوه زعيما وأبا روحيا لهم، لأنهم يعلمون أن كل عقدة تحل في مصر ولأن مصر حقيقة الأم الحاضنة لكل العرب .
افتقدنا هذا الحضن فترة من الزمن بعد حرب الخليج الثانية وتلاحقت الأحداث دون أن يجد العرب الملجأ الآمن لحل خلافاتهم أو تحالفاتهم فكانت الساحة العربية تذهب يمينا وشمالا دون أن تجد الطريق الصحيح لمسار الأمة العربية، والسبب أن العرب توهموا أنهم قادرون على قيادة بلدانهم دون وجود البوصلة المصرية أو أن القيادة في مصر آنذاك لم تكن تريد أن تكون وسط ضجيج ليس له صوت معلوم .
اليوم نشهد توافد القادة العرب على مصر ممن كانوا يختلفون مع السياسة المصرية التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي وممن كانوا مؤيدين له، ولكن ثبات السياسة المصرية ووضوح الرؤيا التي ارتكزت عليها منذ البداية كانت لها الأثر الإيجابي في مراجعة بعض الدول لموقفها من سياسة مصر الجديدة التي تحمل في طياتها الحرص كل الحرص على الوحدة الوطنية أولا ومن ثم وحدة الأراضي العربية وعدم التفريط في الحق العربي أينما كان، لم تكن سياسة الرئيس السيسي سياسة إعلامية خطابية، بل كانت سياسة عمل وتنفيذ بعيدا عن الأضواء الإعلامية، فكانت سياسة مبنية على العلمية والتخطيط المسبق في أولويات اختيار المصلحة الوطنية والعربية في التعامل مع الشرق والغرب وبناء الاستراتيجية الصحيحة في موقع مصر العربي والإقليمي ومن ثم الدولي فكانت تلك السياسة التي جعلت من مصر الآن منبرا مهما في السياسة الدولية وجعلت من بعض قادة العرب "العدول" عن آرائهم ومخالفتهم غير المبررة لسياسة مصر التي رسمها وخطط لها الرئيس السيسي بثبات وبعلمية منقطعة النظير.
نعم كانت ومازالت سياسة مصر في عهد الرئيس السيسي هي السياسة المعتدلة التي إعادة البوصلة لمصر وأصبحت البوصة تدور من جديد حيث تكون مصر في موقعها العربي والإقليمي والعالمي.
وعليه فإنني أرى أن دور مصر سيكون هو الفاعل في أي تحالفات عربية أو إقليمية أو عالمية وأن مصر هي من ستقود التوجه العربي نحو استراتيجية جديدة تجعل من تلك التحالفات قادرة على أن تنفذ استراتيجيتها في البلدان العربية.
ومن هنا أقول ألا يحق للمصري أن يفخر بسياسة بلده وأن يسعد بقيادته التي وفرت له الأمن والأمان وهما صفتان تجمع معهما كل النعم لأن اليوم مصر موحده عزيزة قادرة على أن تكون وسط هذا الكم من التحديات.. مصر ستكون بإذن الله قوية بقيادتها متحدية كل الصعاب باقتصادها ومؤثرة بسياستها، لأنها مصر التي تتجه لها الأنظار من كل زاوية في أي بلد من البلدان العربية.
نحبك يا مصر...