بعد فوضى الفتاوى لفتاة المنصورة.. علماء يطالبون بتطبيق حكم القضاء بالإفتاء الجماعى
استاء عدد كبير من المهتمين بالشأن العام من حالة فوضى الفتاوى عقب الحادث الأليم للشهيدة نيرة أشرف، فتاة المنصورة التي تم ذبحها من قبل زميل لها أمام الحرم الجامعي، والتى انتقلت لرحمة الله تعالى.
وطالب الدكتور عباس سليمان، أستاذ الفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم عند العرب وعميد كلية الآداب جامعة الإسكندرية الأسبق، المؤسسات الدينية الثلاث؛ الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، بتطبيق الحكم النهائى بشهادة جدول المحكمة الإدارية العليا عام 2022 بعدم الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة عام 2016، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بقصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها الدقيق فى مجال الإفتاء، تأسيساً من المحكمة على أن مستجدات العصر فى المسائل الخلافية بحاجة إلى اجتهاد جماعى وليس فردياً فلا ينفرد بها فقيه واحد.
وأضاف الدكتور عباس: إننا كعلماء فلسفة إسلامية نستشهد بحيثيات حكم المحكمة المستنير فى أصول الفقه الإسلامى، ويجب على المؤسسات الدينية العمل على تطبيق المبادئ التى تضمنتها.
وكانت المحكمة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، قد انتهت إلى أنه "تأسياً بمسلك كبار الفقهاء الأوائل الذين أسسوا مدارس فقهية لها مناهجها العلمية، فكانوا يتحرجون من الفتوى، على عكس الأمر الحاصل الآن من التجرؤ على الإفتاء، فحاجة المسلمين فى كل مكان إلى الإفتاء السليم الذى يربط بين العقيدة الصحيحة ومستجدات العصر فى ظل الثورة العلمية التكنولوجية وما أفرزته من قضايا مستجدة، خاصة إزاء تقدم العلوم وتنوع التخصصات، فإن المسألة التى تتعدد فيها وجهات النظر وتختلف فيها الرؤى تكون بحاجة إلى نظر جماعى، أى الاجتهاد الجماعى لا الاجتهاد الفردى، تأسيسا على أن المسألة الواحدة التى تنازعتها فتويان فإن الأمر يقتضى ترجيح واختيار الفتوى الأصوب والأرجح".
وأضافت المحكمة: "إن المسائل الخلافية التى تتعدد فيها آراء العلماء لا يجوز أن ينفرد بالإفتاء فيها فقيه واحد، فيكون الاجتهاد الجماعى هو السبيل الوحيد للإفتاء فيها للعامة لترجيح واختيار الفتوى الأصوب والأرجح، فليس كل ما يعلم بين العلماء المتخصصين يقال للعامة وإلا أحدثوا فتنة وأثاروا بلبلة وعدم استقرار فى المجتمع الدينى".
وأشارت المحكمة إلى أنه «يتعين قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها، فلا يجوز الإفتاء بغير شروط ولو من العلماء فى غير تخصصهم الدقيق، فشروط الإفتاء ليست بالأمر اليسير فى الفقه الإسلامى حتى يمارسه غير المتخصصين حتى من العلماء أنفسهم خارج تخصصهم، وإنما هو أمر بالغ الدقة والصعوبة يستفرغ فيه العالم المجتهد الفقيه المفتى وسعه لتحصيل حكم شرعى يقتدر به على استخراج الأحكام الشرعية من مآخذها واستنباطها من أدلتها».
واختتم الدكتور عباس سليمان، أستاذ الفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم عند العرب، بأن حكم القضاء المصرى لصالح الدولة، ويسهم فى انضباط الشأن الدينى، وينقذ مجتمع فوضى الفتاوى، وأنه يجب على المؤسسات الدينية المتمثلة فى الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية أن تجلس على مائدة واحدة يتدارسون المبادئ التى صدر بها حكم القضاء المصرى، ويخرجون بقرار تنفيذى يتضمن مسألتين؛ الأولى حظر الفتاوى الفردية فى الشأن العام فى كافة وسائل الإعلام والسوشيال ميديا ولو من العاملين بالأزهر أو غيرهم، والثانية تشكيل لجنة من بين الثقات من الجهات الثلاث تتولى دون غيرها الفتوى فى القضايا المجتمعية فى الشأن العام، وبذلك نقضى على ظاهرة فوضى الفتاوى.