«جوجل كلمة السر».. كواليس عودة لوحة عبدالهادى الجزار بعد فقدان 50 عامًا
أكثر من 50 عاماً مرّت على فقدان لوحة «من وحي فنارات الإسكندرية» للفنان الكبير الراحل عبد الهادي الجزار، والتي أُعيدت أمس الثلاثاء، إلى وزارة الثقافة.
بدأت رحلة عودة اللوحة لدى هشام الهواري، تاجر أنتيكات، الذي وجدها معلّقة في أحد مقاهي حي شبرا، قبل أن يتواصل مع صاحب «جاليري» تربطه به علاقة عمل وصداقة لفحصها ومعرفة قيمتها.
حضر صديقه المتخصص في الفن التشكيلي إلى المقهى ولدى رؤيته اللوحة عَرِف أنها من أعمال «العالمي عبد الهادي الجزار» فعَرَض على «الهواري» وصديقه صاحب المقهى مبلغ مليوني جنيه لشرائها.
بعد أيام، شاعت أخبار عن «مفاوضات بيع اللوحة» حتى وصلت إلى قطاع الفنون التشكيلية، الذي أصدر بدوره بياناً تحذيرياً بالتعامل عليها وأنّها مفقودة منذ عشرات السنين.
وبعد أن تلقّى صاحب المقهى عرض بيع اللوحة تواصل مع محاميه الذي أجرى عمليات بحث عن اللوحة على موقع «جوجل» ومن خلاله عثر على البيان التحذيري الصادر عن قطاع الفنون التشكيلية وأخبر موكله أن اللوحة ملك للدولة ومفقودة منذ فترة كبيرة.
وتوصّل المحامي إلى رقم «فيروز» ابنة الفنان عبد الهادي الجزار وأخطرها بأن اللوحة المفقودة موجودة لديهم، وبدورها أبلغت «فيروز» وزارة الثقافة.
وطلبت الوزارة من «فيروز» وحائزي اللوحة الحضور إلى مقر الوزارة لتسليم العمل لفحصه والتأكد من سلامته، وتسليمه حال التأكد من أنه أصلي.
وبالفعل، أثبتت اللجنة المعنية بقطاع الفنون التشكيلية سلامة العمل الفني النادر، الذي لا يقدّر بثمن، وتم تسليمه إلى الوزارة.
وعليه أصدرت وزارة الثقافة بيانا تؤكد فيه استعادة العمل الفني، بعد فقدان استمر أكثر من نصف قرن، وقالت الوزارة في بيانها: «بعد تناثر أخبار عن بيع لوحة للفنان عبد الهادي الجزار، أصدر قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور خالد سرور بيانا تحذيريا بعدم التعامل على هذه اللوحة باعتبارها من مقتنيات الدولة المصرية وتمثل جزءا أصيلا من الهوية الثقافية والتراثية والحركة التشكيلية المصرية، وبعد صدور البيان قام حائز اللوحة بالاتصال بابنة عبد الهادي الجزار السيدة فيروز الجزار مبديا رغبته في تسليم اللوحة إلى وزارة الثقافة، وعلى الفور شكلت الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة لجنة فنية لفحص العمل والتأكد من أصلية ونسب اللوحة لعبد الهادي الجزار، وتبينَ بعد فحص اللوحة من خلال أجهزة الفحص التكنولوجية الحديثة أن العمل أصلي ويعود تاريخه إلى عام 1964 وفقدت عام 1971».
وتسلمت وزيرة الثقافة اللوحة في حضور السيدة فيروز الجزار وأنسي عمار المحامي بالنقض والدستورية العليا من ورثة وأبناء صاحب شركة محمد عبد المالك للمقاولات، وهم هشام وإبراهيم ومحمود محمد عبد المالك والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وأحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف بالقطاع.
وصلت اللوحة إلى الحائز عليها، من خلال أنها كانت معروضة في مطار القاهرة، وفي هذه الفترة، كانت تجري أعمال توسيع وتطوير لبعض قاعات المطار، وتم الاتفاق مع أحد المقاولين وهو- والد- الذي يحوز اللوحة في الوقت الحالي، على هدم المكان واتفقا مع المسئولين على ذلك في تلك الفترة، وأخذ المبنى بكل محتوياته وكانت اللوحة من المحتويات، وبعد الانتهاء من عمله وكان ذلك في منذ عدة سنوات مضت، تم وضع اللوحة دون معرفة قيمتها في أحد المخازن الخاصة به وظلت سنوات، حتى قرر أحد أبنائه فتح كافيه في شبرا الخيمة، وعمل ديكوراته من الأنتيكات القديمة، وما بحوزتهم من مقتنيات، وكانت لحسن الحظ أن اللوحة ضمن الأنتيكات التي وضعت في الكافيه حتى يكتب لها القدر العودة إلى بيتها متحف الفن الحديث من جديد.
وقررت وزيرة الثقافة وضع اللوحة في متحف الفن الحديث لتكون إضافة إلى مقتنياته الثمينة ووجهت الشكر للسيدة فيروز الجزار لإصرارها على أن تعود اللوحة مرة ثانية لوزارة الثقافة وأن تكون متاحة للجمهور في مصر والعالم، وكذلك وجهت التحية لأولاد محمد عبد الملك للمقاولات لسرعة مبادرتهم بتسليم اللوحة إلى ملاكها فور علمهم به وعدم تفريطهم في أحد كنور الثقافة المصرية، وأهدتهم درع وزارة الثقافة تكريما لهم ولأسرتهم في الحفاظ على اللوحة كل هذه الفترة.