إن كان له مكان
من ييجي 15 سنة كدا، الأستاذ طارق حسن عليه رحمة الله تولى رياسة تحرير الأهرام المسائي، فـ مشكورًا كلمني علشان أروح أشتغل معاه في الجريدة، وأنا ما كنتش عمري شفته، ولا بينا أي سابق معرفة، اللي رشحني ليه كان الأستاذ سيد محمود، وهو قرا كتاب كنت أصدرته وقتها، فـ اتصل بي تليفونيًا، ودا كان شيء طيب منه، سعدت به كثيرًا.
المهم، أول حاجة طلبها مني الأستاذ طارق كتابة صفحة ساخرة، وقال لي أبعتها له في نفس اليوم، وهـ نتقابل كمان كام يوم، قوم أنا كتبت الصفحة وبعتها، قوم هو قراها وعجبته، فـ راح مؤشر عليها لـ النشردون الرجوع لـ الديسك.
الديسك أعزك الله هو قسم إعادة الصياغة أو مراجعتها، وهو إكمنها يعني كتابة حرة، ما حبش إنه الديسك مثلًا يغير عناوين، أو يعيد صياغة حاجة طبقًا لـ الكتابة الرسمية، فـ الصفحة خدت مسارها، واتنشرت قبل ما أروح الجريدة.
اتنشرت وفي نهايتها مكتوب:"هي دي يا أستاذ طارق الصفحة اللي حضرتك طلبتها أتمنى تنال إعجابك"، اتنشرت كدا، لـ إنه محدش راجعها خالص.
أنا بـ أقول الحكاية دي دلوقتي من باب ابدأ بـ نفسك، وإحنا بـ نفتكر مع بعض أخطاء طريفة في عالم الصحافة، ويا إخوانا أخطاء الصحافة الطباعية وما إلى ذلك، مالهاش حصر، وبـ تحصل لـ أي حد في أي وقت، لـ إنه مسار الكلام بـ يبقى طويل، من ديسك لـ رئيس قسم لـ تصحيح لـ لـ لـ وأخيرًا المطبعة، وفي هذا الصدد حصلت حواديت تهلك من الضحك.
زي كدا ما جريدة مرة، وفي عز عز عنفوان حسني مبارك، نشرت صورة لـ سوزان مبارك، ومكتوب تحتها "سوزي"، وسوزي دي كانت بـ تضايق الرئيس الراحل وعائلته جدًا.
المنفذ على جهاز الكمبيوتر كتبها كدا، على أساس المراجعة هـ تكتب التعليق المفترض، بس المراجعة ما خدتش بالها، فـ عدت ونزلت السوق، وكانت ليلة، خصوصًا إنه هذه الجريدة كانت ناطقة بـ اسم الحزب الوطني.
أو زي قصة لـ نعي شخصية، مش فاكر مين، بعتوا النعي لـ رئيس التحرير، علشان يؤشر على الموافقة، فـ هو كتب على الهامش: "إن كان له مكان"، يعني:إذا كان النعي له مكان في الصفحة، انشروه،
فـ النعي نزل كدا:"أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان".
وزي القصة الشهيرة اللي لزقوا فيها تأميم الصحافة، بتاعة مصرع السفاح عبدالناصر.
اللي حصل إنه عبدالناصر كان في باكستان، وكان فيه سفاح شهير هو محمود سليمان، اللي نجيب محفوظ استلهم من حكايته اللص والكلاب، فـ الشرطة حاصرت سليمان ومات في المطاردة، أثناء وجود عبدالناصر في باكستان.
جريدة الأخبار عملت المانشيت: مصرع السفاح، وتحته مانشيت تاني: عبدالناصر في باكستان، لكن ما كانش فيه فاصل واضح بين المانشتين، فـ كان العنوان يتقري كدا: مصرع السفاح عبدالناصر في باكستان.
يوووووه، قصص كتير، والواحد كل شوية وهو بـ يقلب في الأرشيف، يكتشف حاجات زي دي، بس مش بـ أحب أنشرها، لـ إنه نشرها هـ يكون فقط لـ الدعابة، ومحدش بقى عنده خلق لـ الدعابة، فـ أي حاجة بـ تتنشر بـ تفتح باب لـ وجع الدماغ، بلاها!