«صرصار النيل».. أحدث طرق غش الجمبري: يتهافت عليه الصينيين رغم خطورته
أمام محل بيع أسماك مغمور فوجئت «عفاف» بعرض «جمبري» بسعر متواضع لم يُعتاد رؤية سلعة عٌرفت بارتفاع سعرها أن يوضع فوقها هذا الثمن الزهيد، خاصة أن حجم هذا الجمبري كبير يشبه حجم «الجامبو»، «هو ده جمبري ولا لا؟» تسأل عفاف صاحب المحل ليرد: «أيوة ده نوع حلو من الجمبري بس بيعيش في النيل أحلى وأرخص.. خديه وحايعجبك».
هنا تقبل عفاف شراء «الجمبري النيلي» - حسب زعم البائع، وهي تشعر بالسعادة ونواياها أن تذهب لطهي وجبة شهية من هذا «الجمبري» الذي استطاعت الحصول عليه بسعر "لٌقطة" لأطفالها.
صدفة جعلت عفاف تكتشف أن ما اشترته ليس «جمبري» إنما هو كائن قشري بحري ضار يٌدعى «صرصار النيل»، وذلك حينما رأته جارتها التي كانت تعتقد عفاف أنها ستعجب به، لتفاجأ بقولها إنه ليس جمبري بل هو صرصور النيل الضار، وهو أحدث طرق غش باعة الأسماك للمواطنين ببيع إياه على أنه جمبري وهو ليس كذلك.
استاكوزا المياه العذبة أو ما يعرف بـ«صرصور النيل» ذلك هو بالفعل ما اشترته عفاف، والذي قال عنها أحد باعة الأسماك في حواره لـ«الدستور» أن هناك بالفعل بعض الباعة الذين يحاولون إقناع المواطن بأنه جمبري، ولكن من نوع نيلي لذا لونه أسود مختلف على اللون المعتاد للجمبري، موضحًا أنه على الرغم منذ ذلك لا يلقى الرواج المطلوب لخوف بعض المواطنين من غرابة شكله.
تحذير الطب البيطري
مديرية الطب البيطرى بالقاهرة كانت واضحة في التحذير من هذا النوع من القشريات، مشيرة إلى أنها قشريات تباع بأسعار زهيدة فى عديد من محال الأسماك وتباع للمواطنين على أنها «جمبري»، وأفادت معامل صحة الحيوان بعد إرسال عينات من تلك القشريات السمكية بعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، لوجود نسبة عالية من المعادن الثقيلة والكادميوم وميكروبات أخرى، وذلك بعد إجراء المعمل لعدد من الحملات على بعض المحال التي تبيعها، وعلى إثر ذلك ناشدت المديرية المواطنين بتجنبها، وعدم تناولها أو شرائها، لكونها تشكل خطراَ داهماَ على الصحة.
وفي الوقت الذي ترفض فيه مديرية الطب البيطري تناول "صرصور أو استاكوزا" النيل، قال الدكتور حسين محمود أستاذ الثروة السمكية، إن الاستاكوزا ليست مضرة صحيًا بل وفي حال وُجد لها أضرارًا فأضرارها على الثروة السمكية، وليس على الصحة العامة، مضيفًا أن لها قيمة غذائية جيدة ومصدر للبروتين الحيواني الرخيص.
وتابع، أنها تشبه أي أحياء نهرية في تأثرها بتلوث النيل، موضحًا أنه إذا أصدرت مديرية الطب البيطري تحذير منها فعليها إصدار تحذير أيضًا من باقي الأحياء النهرية: «أزمة هذه «الصراصير» الكبرى تتمثل في أن التخلص منها صعب للغاية لأنها أصبحت وباء يهدد الثروة السمكية في نهر النيل والمياه العذبة بصفة عامة، والتخلص منها عبر استخدام المبيدات سوف تزيد من تلوث النيل، كما أنها مفترسة».
وفي ذات السياق، تهافتت دولة الصين على استيراد هذا النوع من "القشريات" من صيادو مصر، وهو ما حدث بالفعل بعد أن نشر الصينيون الوعي حولها في مصر على مدار العقد الماضي، وبدأ العمل في مشروع لها بعام 2013 مع مصنع صيني في مدينة العبور بمحافظة القليوبية، شمال القاهرة.
وكانت قد أوردت وكالة "شينخوا" الصينية تقريرًا عن المكاسب التي حققها الصيادون المصريون البسطاء جراء توريدهم الاستاكوزا التي قاموا بصيدها إلى العديد من المصانع الصينية، لمعالجتها قبل تصديرها للصين.
وفي محاضرة عقدت في جامعة عين شمس بالقاهرة، قال الدكتور مجدي خليل الأستاذ بكلية العلوم، إنه عندما بدأوا دراسة استاكوزا المياه العذبة في بيئتها الأصلية وجدوا أنها تعتبر موردا قوميا في البلدان أو المناطق التي توجد فيها، مثل أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية والصين وأوروبا وغيرها، وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 80% من استاكوزا المستنقعات الحمراء التي استوردتها الصين بين عامي 2014 و2017 جاءت من مصر، كما أن العمل في مشروع معالجة تلك الاستاكوزا وتصديرها وفر آلافًا من فرص العمل للصيادون وكذلك لعمال خط الإنتاج.
الاتحاد العربي لحماية المستهلك
إلا أنه ومن جهتها حذرت دكتورة سعاد الديب نائبة رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك من شراء «صرصور النيل»، طالما نوهت مديرية الطب البيطري في مصر بعدم تناوله.
وأوضحت الديب، أنه يجب عدم شراء المواطنين من باعة الشوارع والأرصفة وبالأخص المواد الغذائية، موضحة أن هناك صعوبة في الوصول لهؤلاء الباعة و محاسبتهم علاوة على صعوبة الرقابة عليهم، مضيفة أن بيع ما يعرف بصرصور النيل يأتي من إغراء الباعة للمواطنين في إمكانية حصولهم على نوع من الأسماك معلوم أن سعره مرتفع، بسعر رخيص للغاية، وحينها لا يفكر المواطنون ما إذا كان هذا المنتج "السمك" خطر على صحتهم وصحة ذويهم ومن غير المنطقي بيع جمبري بحجم كبير بسعر 40 50 جنيهًا.
بينما حذر الدكتور محمد عيسى استشارى أمراض الباطنة، من هذه النوعيات الخطيرة التى تباع على شكل إستاكوزا، مؤكدًا أنها ما هي إلا «صراصير» تعيش فى نهر النيل فترات طويلة، وتكمن خطورتها فى طريقة تغذيتها غير الصحية، فهي تعتمد على كائنات المياه العذبة المليئة بالبلهارسيا، والتى تسبب أضرار صحية لا حصر لها بالطبع.
وأضاف، أن المأكولات البحرية لا يتم طهيها لمدة طويلة بشكل عام، وهو الأمر الذي وصفه قد يُزيد المشكلة تعقيدًا، ويسهل انتقال العدوى والأضرار للإنسان عبر الأمعاء، لأن الطهي مدة أطول يساعد على التخلص من أضرار الطعام والفيروسات والبكتيريا العالقة به.