«خلافه مع نجيب محفوظ» أبرزها.. أزمات واجهت أمل دنقل
39 عاما مرت على وفاة الشاعر أمل دنقل، الذي رحل عن عالمنا في 21 مايو لعام 1983 عن عمر ناهز الـ43 سنة، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، إذ أصيب به وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات، لكنه رحل تاركا إرث كبير من الدواوين التي تنقل فيها بالكلام بين الحب والحرب والسياسة والنفس، فكان شاعر عربي الثقافة واللغة والأدب، واستطاع أن يوظف هذه المقومات لإنتاج أعمال خالدة حتى الآن.
"أنا مع التزام الشاعر؛ ولكنني ضد إلزامه" تصريح للشاعر أمل دنقل في أحد حواراته الصحفية، التي أكد فيه أنه ضد أن يكون الشاعر منتميا إلى حزب، أو جماعة سياسية؛ لأن الشاعر ليس بوقا لأحد، مستطردا: هناك تناقض.. إذا كانت السياسة فن الممكن؛ فالشعر هو فن المستحيل، السياسي أبدا يطالب بما يمكن تحقيقه، أما الشاعر فهو يطالب بما يبدو وكأنه مستحيل التحقيق، ومن هنا فإن الشعراء الذين ينتمون إلى حزب أو تنظيم؛ هم دائما أضعف الشعراء، فالشاعر يجب أن يملك حرية مطلقة وكاملة، والتزام الشاعر إنما ينبع من ضميره وفكره هو.
خلال مسيرة أمل دنقل ورغم صغرها نظرا لوفاته في سن صغيرة، إلا أنه له أزمات عديدة واجهته، وأبرزها كانت مع الأديب العالمي نجيب محفوظ، بسبب وصاياه الشعر، التي خلقت خلافا حادا بينهما، وهو ما عبر عنه خلال حواره بجريدة "الفجر الجديد" الليبية عام 1974، قائلا: "وصايا نجيب محفوظ العشر لا تعدو نشرة صادرة عن قيادة الدفاع المدني، إن نجيب محفوظ هنا لم يكن ابنا لأرضه أو مبادئه، من حق نجيب محفوظ أن يتراجع، من حقه أن يؤيد السلطة، لكن ليس بهذه الدرجة من التهافت التي لا يليق باسمه ومكانه، إن دخل نجيب محفوظ المادي كبير، لكنه يطمع في المزيد عن طريق السينما والتلفزيون والإذاعة، ومن هنا فإن قرار مثل منعه من التعامل مع هذه الأجهزة هو الذي جعله يسارع بالركوع، لكنني شخصيا أحترم الضعف البشري ولا أحترم ضعفا من هذا النوع وبصفة شخصية أيضا فإنني منذ كتابة نجيب محفوظ لوصاياه العشر أرفض أن أجالسه وأرفض حتى أن أحييه، فهو في نظري لا يستحق حتى الرثاء".
أزمة أخرى واجهت أمل دنقل (23 يونيو 1940 - 21 مايو 1983) وهذه المرة مع الشاعر أدونيس، وعبر عنها قبل شهور من وفاته خلال حواره بمجلة "الحوادث اللبنانية" قائلا: "أنا لا أريد أن أناقش أدونيس، ولكني أريد أن أناقش جناية أدونيس على الشعراء التاليين، من حق أدونيس أن يجرب، من حق أدونيس ألا تفهمه، من حقه أن يشرق غربًا أو أن يغرب شرقًا، من حقه أن يكون نفيًا للعروبة، ونفيًا للثورة، ما دام شاعرا ممثلا لاتجاه، لكن أن تنسحب قضية نفي الثورة وقضية نفي الشعر أيضا على كل هذه الأجيال المهزومة من الشعراء فهو ما أناقشه أن يكون أدونيس طوق النجاة للشعراء الذين يريدون أن يكونوا موجودين في ساحة الثقافة حاملين للثورة المضادة دون أن يتخلوا عن عباءة أو شعار الحداثة، إنهم يستخدمون شعارات الحداثة لنفي الحداثة، وشعارات الثورة لنفي الثورة، ويستخدمون شعارات العروبة لنفي العروبة، وهم في حقيقتهم يؤكدون كل قيم الاستسلام وسيادة مفاهيم الفاشستية والرجعية والانهزامية".
"أنا أحب أدونيس، ولكني لا أميل إلى الأدونيسيين، لقد دخل أدونيس النار وخرج من الناحية الأخرى ناصع الإهاب، لكن الصف الذي دخل النار بعده احترقت أهدابه، فلم يعد يرى الأشياء إلا أشباه الأشياء" هكذا قال أمل دنقل خلال حواره بجريدة "الثورة السورية" عام 1977 عن أدونيس.