أستاذ بالأزهر: الشريعة الإسلامية حضت على شكر كل من أسدى معروفا بغض النظر عن دينه
قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، تعليقاً على قيام بعض المتطرفين والمتشددين فكرياً بمنع الترحم على غير المسلمين، إن كل جهد يبذله إنسان - أيا كان دينه - لنفع الإنسانية، وخدمة البشرية؛ فهو جهد مقدر في الشريعة الإسلامية؛ إذ هي شريعة شكر المعروف، وعدم جحده، وهي تهدف من وراء ذلك إلى أن يتنافس الناس في فعل الخيرات، وأن يتعايشوا متعاونين على ما ينفعهم، وإن اختلفت أديانهم.
وأوضح "العشماوي" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قائلا: حضت الشريعة الإسلامية على تقديم واجب الشكر لكل من أسدى معروفا، بغض النظر عن دينه، وفي الحديث (لا يشكر الله من لم يشكر الناس) وفيه (من أسدى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) وفيه (من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله (جزاك الله خيرا)؛ فقد أبلغ في الثناء)، ولا يخفى أن هذه الأحاديث وردت بصيغ العموم، فهي ليست خاصة بصانع المعروف المسلم.
وأشار" العشماوى" قائلا: ومما يؤكد ذلك ثناؤه صلى الله عليه وسلم على من صنع معروفا من غير المسلمين، وأفاد به الإنسانية، كثنائه على المطعم بن عدي، وحاتم الطائي، وعبد الله بن جدعان، والتعاون بين أهل الأديان لنفع الإنسانية مطلوب، وقد استعان صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أرقط في الهجرة وهو مشرك، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم قدَّر له هذا التعاون، وأن هذا الرجل كان رجلا بمعنى الكلمة.
وأضاف: إذا فعل غير المسلم معروفا؛ نفعه في تخفيف العذاب عنه في الآخرة، ولم يمنع عنه الخلود فيه، كما في صحيح مسلم؛ إذ سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل نفعت عمك أبا طالب بشيء؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ فقال: نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)، وتخفيف العذاب مقتضى الرحمة، والمنع من الخلود فيه مقتضى المغفرة، فالأول جائز، والثاني ممتنع، والكلام في مصائر الناس الأخروية، بعد موتهم؛ بدعة أحدثتها الجماعات الدينية، لم تُعهد عن السلف الصالح رضي الله عنهم، بل قال العلماء المحققون: إنه لا يجوز الجزم لكافر معين بالنار، ولا لمسلم معين بالجنة؛ لأننا لا نعلم ما في الواقع ونفس الأمر، ولكن التحقيق أن يقال: من مات مسلما فهو في الجنة، ومن مات كافرا فهو في النار.
وأكد قائلا: إنه ليست هذه الدعوة إلى تذويب معالم الدين، ولا إلى تهوين الكفر، ولا إلى إعطاء الدنية في ديننا، كما يحلو لبعض قصار النظر أن يردده في مثل هذه المناسبات، بل هي دعوة إلى التعقل، فنحن نعيش في عالم شديد التعقيد، لا مكان فيه للسطحيين والسذج، ونحن شديدو الاعتزاز بديننا، الذي أنقذنا الله به من ظلمات الشرك والجهالة، وأمرنا به أن نتعايش مع الجميع، وأن نقدر جهد الجميع، وأن نكل أمر مصائر العباد إلى الله؛ فهو أعلم بها منا، رحم الله الأستاذة شيرين أبو عاقلة، وجزاها عن القضية الفلسطينية خير الجزاء.