نصائح الأمثال الشعبية للمرأة المصرية
الأمثال الشعبية المصرية هي ذاكرة الأمة الحاضرة في جميع الأحوال، وهي تعبر بكلمات بسيطة وقليلة عن معان كبيرة، وأحيانًا كانت تقال هذه الكلمات بطريقة عفوية وربما كانت تقال عن قصد، ولكنها دومًا تعبر عما تعجز الخطب الطويلة والكلام الرنان عن توصيله.
والمثل الشعبي يعتبر بمثابة حكمة عفوية بعيدة كل البعد عن التكلف والتصنع، ومما يؤثر أن العرب قديمًا قالوا: "إن الأمثال هي مصابيح الكلام".
وفي كتابه "أصل الحكاية"، والصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع، يتتبع الباحث في التراث المصري خطاب معوض خطاب، أصل ومعني بعض الأمثال الشعبية المصرية، والمناسبة أو الموقف الذي قيلت فيه هذه الأقوال المأثورة حتي صارت أمثال شعبية يتناقلها المصريين جيلا بعد جيل.
ويلفت "معوض" إلي أنه في أغلب الأحوال نجد أن المصريين على مدى الأزمنة والعصور المختلفة، لم يتركوا أي موقف إلا ودللوا عليه بمثل من الأمثال الشعبية، والأمر المثير واللافت للانتباه أن لا أحد يعلم من وضع هذه الأمثال الشعبية المتداولة عبر العصور، والأمثال الشعبية لم تترك شيئًا إلا وأدلت فيه بدلوها، حتى الصراع بين الرجل والمرأة، فنحن نجد أن الأمثال الشعبية قد فرضت نفسها على هذا الصراع، وأصبح لها الكلمة العليا في أي حوار أو نقاش بين الطرفين، والعجيب أننا نجد مثلًا شعبيًا ونقيضه في حوار ونقاش واحد، بمعنى أن هناك أمثلة شعبية متباينة تمدح أمرًا ما، وفي نفس الوقت نجد أن هناك أمثلة شعبية أخرى تذم نفس الأمر.
فهناك مثل ينصح المرأة: "يغلبك بالمال اغلبيه بالعيال"، ونجد في المقابل مثلًا آخر يقول: " الراجل الخايب خلفته كتير زي البطيخة القرعة لبها كتير"، ففي المثل الأول نجد حثًا على كثرة الإنجاب، بينما نجد المثل الثاني يعيب كثرة الإنجاب.
كما نجد مثلًا يقول: "من همه خد قد أمه"، ونجد في المقابل مثلًا يقول: "الدهن في العتاقي"، وكما نجد مثلًا يقول: "حطي جوزك فوق السطوح لو ليكي نصيب فيه مش هيروح"، نجد مثلًا يقول: "قصقصي ريش طيرك قبل ما يلوف على غيرك".
كيف رسخت الأمثال الشعبية لاضطهاد المرأة؟
ويوضح "معوض": والأمثال الشعبية عندنا ترسخ في مجملها فكرة نصرة الرجل وعدم إنصاف المرأة، أو بمعنى آخر ترسخ فكرة اضطهاد المرأة وتفضيل الرجل عليها، فمثلًا نجد أن أمثالنا الشعبية تحرض الفتيات على الزواج من ابن العم: "آخذ ابن عمي واتغطى بكمي"، و"زيتنا في دقيقنا"، ولكن نفس الأمثال الشعبية تقول للرجل: "بارك الله في المرأة الغريبة والزرعة القريبة"، بينما نجد أمثلة أخرى تحرض الطرفين على الزواج من الغرباء مثل: "زواج القرايب جلاب للمصايب"، و"الأقارب عقارب".
وترسيخا لفكرة نصرة الرجل وعدم إنصاف المرأة نجد أمثالًا أخرى على شاكلة: "اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24"، "دلع بنتك تعرك، دلع ابنك يعزك"، " إن مات ابنك انكسر ظهرك، وإن ماتت بنتك اتستر عرضك"، و"يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للممات"، و"أم البنت مسنودة بخيط وأم الولد مسنودة بحيط"، و"الست لو طلعت المريخ آخرتها بردو الطبيخ"، و"عقربتين عالحيط ولا بنتين في البيت"، و"جري الرجالة زي بحر النيل وجري الولايا زي نقط الزير”.
كما أن هناك من الأمثلة ما يمكن تصنيفه على أنه تميبز للرجل عن المرأة حتى لو كان معيبًا مثل: "الراجل ما يعيبوش غير جيبه"، و" الراجل من غير كرش ما يسواش قرش"، و"ضل راجل ولا ضل حيطة"، و"الراجل في البيت رحمة ولو كان فحمة"، بينما لو كانت المرأة هي المعيبة تجد المثل القائل: "تغور العورة بفدانها".
ولكن الحقيقة أن المرأة المصرية لم تسكت أو تستسلم على ما فعلته بها الأمثال الشعبية فكان ردها سريعًا وقاسيًا، حيث دخلت المرأة حرب الأمثال الشعبية بكل أسلحتها، فابتكرت أمثالًا تنصف المرأة وتهاجم الرجل بلا رحمة، فنجد مثلًا يقول: "جنازة بتار ولا قعدة الراجل في الدار"، و"جبت الأقرع يونسني كشف راسه وخوفني"، و"برة وجوة فرشت لك وأنت مايل وإيه يعدلك"، و"راحت رجال العز والهيبة وقعدت رجال ما تخشى العيبة"، و"اللي يشوفك يفتكرك فارس في ساحته ما يعرفش إنك حتى الشراب شاحته"، و"لو كانت الرجولة بالشنبات لكان الصرصار سيد الرجال"، و"يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال".
وأخيرًا فكما يقول المثل: "المركب اللي لها ريسين بتغرق"، والمثل الآخر القائل: "القفة أم ودنين يشيلوها اثنين"، فلابد حتمًا من التعاون بين النساء والرجال لكي تستمر الحياة بينهما في سلام بعيدًا عن حرب الأمثال الشعبية.