سيرة سيد مكاوى وصلاح جاهين بين «المسحراتى» و«الليلة الكبيرة»
في 21 أبريل 1986 رحل الشاعر الكبير وأحد أيقونات وفرسان شعر العامية المصرية صلاح جاهين تبعه في نفس اليوم رحيل صديقه الأقرب سيد مكاوي في عام 1979.
حكايات كثيرة وسيرة عمر وفن ربطت جاهين بمكاوي، كلاهما ابن للفترة الناصرية، وكلاهما عاشق للفن في كل تجلياته، كلاهما ممتلئء معرفة، ومشتبك مع الحياة اليومية، وكملاهما يشع بهجة وسخرية في مجاله.
بدأت قصة الصداقة الممتدة بين مكاوي وجاهين، عندما ذهب جاهين للبحث عن سيد مكاوي والذي كان قد غنى أغنية ذائعة الصيت في ذلك الوقت تقول: "أخر حلاوة ما فيش كدا، ما تيالا يا مسعدة نروح السيدة"، وبالفعل تقابلا في النهاية على مقهى “النشاط” بمنطقة المنيرة، وبمجرد قدوم “جاهين” داعبه مكاوي، قائلا: "أنا في انتظارك مليت".
ويعد العمل الأبرز الذي جمع الاثنين هو مسرحية "الليلة الكبيرة"، هذا العمل الذي تجاوز فكرة الوقت ويسافر من زمن لأخر يحمل معه تفاصيل للحياة اليومية كتبها جاهين ولحنها وغناها مكاوي، ذلك إلى جانب العديد من الأعمال التي يرددها المصريين بمحبة جارفة منها “هنحارب”، و"إحنا العمال"، و"الدرس انتهى".
قصة الليلة الكبيرة من إعلان لأهم أوبريت غنائي يقدم صورة للمصريين
قال الموسيقار الكبير كمال الطويل عبر تسجيل إذاعي قديم: “أعترف وأقر إن هذه الصورة البديعة الجميلة لصلاح جاهين ماكنتش واعي ولا داري بعظمة هذه الصورة لأن أنا لما كنت باتخيل إنها معمولة لشركة دعاية لمنتجاتها طار المعنى الحقيقي لهذه الصورة الجميلة من ذهني، إلى أن فوجئت بشيئ عظيم جميل حلو مازال باقيا إلى اليوم وسيظل، قدمه الفنان الجميل سيد مكاوي، وبشكل بديع، وهذه الصورة اللي اتعملت مرة عرايس ومرة مسرح ومرة أغنية كلما أسمعها أقول له عفارم عليك يا أبو السيد والله أحسنت، وأقول لنفسي: ”كده برضه تضيع منك جوهرة".
بعض المصادر تشير إلى أن أوبريت "الليلة الكيبرة" كان مجهز لأن يكون إعلانا لإحدى الشركات الكبرى في فترة الستينيات، وهناك مايشير إلى أن الصدفة وحدها هي التي لعبت دوراً كبيراً في ظهور أوبريت "الليلة الكبيرة"، حيث قرر الشاعر الراحل صلاح جاهين التوجه إلى منزل صديقه المطرب سيد مكاوي وكان يسكن في إحدى الغرف الكائنة في حي السيدة زينب وكان الحي وقتها يشهد إحياء مولد السيدة زينب في بداية حقبة الخمسينيات.
وأثناء جلوسهما معاً في تلك الأجواء الشعبية قام صلاح جاهين بتدوين خواطر شعرية مستوحاة من ليلة المولد، وقام سيد مكاوي بتلحينها لتخرج في النهاية من خلال أغنية مدتها 10 دقائق وذهبا سويا إلى الإذاعة المصرية وقاما بتسجيل الأغنية الذي تحولت فيما بعد إلى أوبريت مدته 40 دقيقة ليصبح الأشهر في مسرح العرائس المصري ويحتفظ بمكانته حتى الآن.
من جانبه قال الكاتب الصحفي عمرنجم عبر مقال له نشر بمجلة "القاهرة" عام 1985 حول "المسحراتي" أن هذا الشاعر"فؤاد حداد " أول من وظف نوع ذلك الكلام المتكرر في أصله ليتبدع منه أداه فنية راقية ويطوعها لخدمة مجتمعنا في شتى مجالاته السياسية والاقتصادية، لافتا إلى أنه طوال السنوات الرمضانية لم ينقطع شدو سيد مكاوي، مستشرفا معنا تحقيق الأمل برغم كل الصعوبات.