لم يكن التسحير مقصورًا على الرجال.. مظاهر رمضان عبر التاريخ
كان شهر رمضان بر وإنفاق وكان رؤساء الدول الإسلامية يتخذونه مجالا للأفضال على المحتاجين وإطعام الفقراء وإجزال الهبات لذوي القربى والأرحام، وممكن كان يحتفل بهذا الشهر الكريم أحمد بن طولون، ولم يكن التّسحر مقتصرا على الرجال دون النساء. نرصد ونستعرض مظاهر الاحتفال بشهر رمضان
الاحتفال بغرة رمضان
جمع أحمد بن طولون أعيان القاهرة في أول شهر رمضان في قصره، وبعد أن أكلوا وشربوا خطب فيهم قائلا: «إني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم في حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، ولكن وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان، ولذلك فإني آمركم من الآن أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيؤها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير والمحروم».
وأمر «بن طولون» أن يعلق هذا القرار في كل مكان، وتوعد كل قادر لا يؤدي واجبه نحو الفقراء، ولا يفتح بيته لهم طوال شهر رمضان بأشد العقاب، فامتثل الجميع لأمره، واحتوت الناس عاطفة من الألفة والتعاون، وقد عنيت الدولة الفاطمية عناية كبيرة بشهر رمضان، وأحاطوه بأنواع الحفاوة والتكريم، ففي أول يوم من أيام رمضان يرسل من دار الخلافة لجميع الأمراء وغيرهم من أرباب الرتب والخدم لكل واحد طبق، ولكل واحد من أولاده ونسائه طبق فيه حلوى، صرة من ذهب، فيعم الفرح سائر أهل الدولة، ويقال لذلك غرة رمضان، بحسب مجلة «العربي» 1988.
سحور رمضان
بدأت شخصية المسحراتي من عهد الرسول فقد كان ابن أم مكتوم يؤذن حتى يمتنع الناس عن الطعام، وفي مصر كان الوالي عتبة بن اسحق، يخرج من منزله في مدينة العسكر إلى جامع الفسطاط ماشيا، وكان في طريقه يصيح مناديا على الناس بالسحور.
لم يكن التسحير مقصورا على الرجال، بل شاركت فيه النساء، وقد وصف الشيخ زين الدين بن الوردي إحداهن بقوله: «عجبت في رمضان من مسحرة بديعة الحسن إلا أنها ابتدعت، قامت تسرحنا ليلا فقلت لها، كيف السحور وهذي الشمس قد طلعت».