أيمن عثمان: المراجع التاريخى لم يحدد نطاق عمله بالكامل (حوار)
يعمل الباحث أيمن عثمان كمراجع تاريخي لمسلسل "جزيرة غمام" الذي يذاع الآن في رمضان، ويبدو جهد عثمان واضحا فى أن يعرض المسلسل بهذا الشكل، لنعلم حجم الجهد المبذول سواء فى السيناريو من عبد الرحيم كمال أو الديكور أو المراجع التاريخي أو مراجع اللهجة أو الإخراج بشكله العام.
وفي هذا السياق التقت "الدستور" الباحث أيمن عثمان والذي سبق له إصدار جزئين من موسوعة "تراث مصري" عن دار دوِّن للنشر والتوزيع وكان هذا الحوار..
بداية ما هي تفاصيل عملك كمراجع تاريخي في مسلسل "جزيرة غمام"؟
منذ فترة بدأت الدراما المصرية أو شركات الإنتاج تلجأ لفكرة أن يكون هناك باحث أو مراجع تاريخي يقرأ السيناريو ويضع الملاحظات ويخلق زمنا معينا من حيث جغرافية المكان أو طبائع الناس في تلك الفترة، عاداتهم وتقاليدهم وشكل مناسباتهم، والاكسسوارات لها زمن أيضا، هي مهنة تظهر من جديد وهي مهنة في ضوء البلورة الحالية ليس لها معالم محددة بالكامل، ومع التجارب القادمة سيكون هناك تحديد للمراجع التاريخي، وما هي أدواره للتاكيد أن المسلسل يجاري زمنا معينا.
هل مسلسل "جزيرة غمام" هو أول مسلسل تعمل فيه مراجعا تاريخيا؟
لا، عملت قبل ذلك في مسلسل "الفتوة"، وهناك مشروع آخر سأعمل فيه بعد شهر رمضان، وأنا لست أول مراجع تاريخي ففي فترة الخمسينيات كان هناك لطفي عثمان أشهر مراجع تاريخي وأول من وضع اسمه على أفيش فيلم، وكان ذلك في فيلم "ريا وسكينة" للكاتب الكبير نجيب محفوظ، ثم اختفى المراجع التاريخي في فترة الثامنينيات والتسعينيات ورجع مرة أخرى بصورة لم تحدد ملامحها بالكامل، ما هو الدور وما هي المهام، هل سيكون دوره في الحركة أو الاكسوار أو الرأي في الملابس مثلا، هل يتحدث في الديكور أم سيكتفي فقط بالسيناريو ووضع الملاحظات، الأمر يحدد الآن ما هي مهام المراجع التاريخي بالكامل.
أصدرت مشروع تراث مصري.. كيف جاء هذا المشروع؟
فكرة مشروع تراث مصري بدأت مع دار دوِّن للنشر والتوزيع، مع واحد من مؤسسيها هو أحمد مهنى، وقتها كنت ذاهبا إليه لأتعاقد على فكرة كتاب عن التراث المصري لأنني كنت معروفا بأني أبحث عن حكايات ما وراء الكواليس في الحياتين السياسية والاجتماعية، وظللنا نحكي في هذا الأمر، وبدأت بالفعل أعمل عليه، وحين رسمنا الغلاف جاء بلفظ موسوعة، هي حكايات منسية، وتواصلت مع مهنى وشرحت له أن فكرة موسوعة سيكون منها جزء واثنان وأنا بالنسبة لي تجربة الكتابة تكون لمرة واحدة، وأفكر أن تكون يتيمة، وأقنعني لماذا لا تكون موسوعة ورواج الجزء الأول هو ما سيحدد، وبالفعل نشرت الجزء الأول وحكى الكتاب عن الجياة الاجتماعية والفنية والسياسية هي حكايات مجهولة من أوائل القرن الماضي، والإقبال الشديد حتم وجود جزء ثاني، والإقبال على الثاني حتم أن تكون جزء ثالث، وفكرنا أن تكون الموسوعة 8 أجزاء ولكن قررت أن تكون 3 أجزاء فقط.
تعمل على موضوعات نادرة في الحياة المصرية.. كيف تحدد سياق الموضوع الذي تكتب عنه؟
ندرة الموضوع هى الفيصل فيما أعمل عليه، هناك موضوعات لاقت اهتماما ولكني لا أراها نادرة بالشكل الكافي وليس هناك مجهود بحثي إضافة إلى أن المصدر الواحد لا يصح، وأن يوجد فيه ندرة وتفاصيل وهذا جعلني حين أعمل في الدراما المصرية كباحث تاريخ، وهناك مسلسلات أفكارها بدأت تكون لبداية موسوعة تراث مصري يعمل عليها الكاتب، وندرة الموضوع زائد الأرشيف هو ما يحركني واتجه لسرد هذا الموضوع، وهو ما يجعلني أبحث وراءه، والكواليس كما في الجزء الأول وبرز في مائة سنة جريمة لأنه موضوع شديد الندرة واتهام سعد زغلول حين كان طالبا حول "من سرق الحلة" وأعيد إنتاجه فترة الثلاثينيات لضرب مصداقية الوفد.
عملت على موسوعة التراث المصري ونعاني في مصر من غياب وضياع للتراث.. كيف ترى هذا؟
غياب التراث السينمائي المصري كان بفعل الإهمال وكان بفعل سوء الإدارة ونستطيع أن نقول إن هناك عددا ضخما فقد من التراث المصري منذ فترة طويلة، وتم بيعها بشكل عليه علامات استفاهم والتراث التلفزيوني عانى كثيرا لأنه كان يتم إعادة تدوير للأسطوانة الواحدة لأكثر من برنامج ويسجل عليها برنامج معين ويعاد استخدامها مرة أخرى ويحدث طمس للمحتويات، إضافة لعدد من التراث في الأرشيفات ناهيك عن سوء التخزين، فأصبحت المادة تحتاج معالجات فنية لتكون صالحة، موضوع ضياع أو فقدان وإهمال الأرشيف والتراث المرئي والمسوع هي كارثة بكل المقاييس.
إذا ما هي رؤيتك للاحتفاظ بهذا التراث؟
في يوم من الأيام كان هناك اعتماد على الأشخاص في حفظ التراث، وأرى أن حفظ التراث أصبح مجهودا فرديا كما فعل زكريا الحجاوي حين قرر أن يجوب كل القرى والنجوع ويسجل في فترة الخمسينيت التراث الشعبي لكل محافظة وكل قرية ونجع ومركز وجمع الأغاني الشعبية والسير والعدودة، وانتبهت إذاعة لندن بعد هذا للتراث المصري وسجلت العديد من الحلقات عنه، وفي الوقت الحالي ومنذ عشر سنوات تقريبا بدأ ظهور الأرشيفجية حفظة التراث وهؤلاء يكون لديهم مشاريع لعرض هذا التراث في كتب أو معارض أو مقالات أو ندوات، أنا أرى أننا في حالة انتعاشة من خلال مجهودات فردية وليس مؤسسات أو هيئات.
بعيدا عن عمل الأشخاص والأرشفجية في حفظ التراث أليس هناك هيئات أو وحدات تعمل في هذا؟
هناك وحدة الأفلام الوثائقية في إم بي سي، وأنتجت العديد من الأفلام الوثائقية وحكايات الأحداث الخاصة سواء التي تأثرنا بحدوثها أو انتهت مثل 1919 بعد مائة عام على حدوث الثورة، أنا أرى أن الإنتاج أو الأفلام التي تعدها وتخرجها وتبثها وحدة الأفلام الوثائقية هو نوع من أنواع حفظ التراث المصري والبحث عنه هو دور توعوي كبير تلعبه الوحدة، وهناك أرشيفجية يعملون بشكل فردي ووحدة أفلام وثائقية تعمل لحفظ التراث بمعنى أننا نحكي حدوتتنا.