من هاسكل لـ حلا الضاهر.. نساء أثرن في حياة جبران خليل جبران
تمر اليوم ذكرى رحيل جبران خليل جبران، الشاعر والقاص والفنان اللبناني وأحد أبرز كتاب النهضة العربية، ولد بشمال لبنان عام 1883، وسافر منذ صغره مع عائلته إلى أمريكا عام 1895.
كانت حياة جبران في أمريكا بمثابة متتالية من المآسي بطلها الأول مرض السل الذي تفشى في العائلة فماتوا واحدا تلو الآخر، وعلى إثر متتالية الرحيل دخل جبران في العديد من الأزمات النفسية والمادية.
يقول جبران: "أنا مديون بكل ما هو أنا إلى المرأة منذ كنت طفلًا حتى الساعة. المرأة تفتح النوافذ في بصري والأبواب في روحي. لولا المرأة الأمّ، والشقيقة، والصديقة لبقيت هاجعًا مع هؤلاء النائمين الذين ينشدون سكينة العالم بغطيطهم". عن الحب والنساء في حياة جبران يدور التقرير التالي.
ـ ماري هاسكل
ماري هاسكل الأولى في حياة جبران، أو الملاك الحارس، فقد تعرف عليها عام 1904، وذلك أثناء افتتاح معرضه الأول ببوسطن في استوديو الناشر والرسام فريد هولاند دايكان، كان في 21 من عمره وكانت هاسكل في 31.
فتحت هاسكل - رئيسة معهد للإناث في بوسطن - الطريق أمامه لعرض رسوماته في مدرستها، وعرضت إرساله إلى باريس لتعلّم الرسم في أكاديمية جوليان. وسرعان ما وجد نفسه مُعجباً بمواقفها وآرائها وطروحاتها في الفن والأدب والنقد.
كانت هاسكل بمثابة الملاك في حياة جبران فهي الأم والحبيبة والراعية له ولأخته، أحبها جبران وطلب الزواج منها ولكنها رفضت الزواج بشكل رسمي وظلت الحبيبة والأم لآخر لحظة في حياة جبران.
وكتبت هاسكل في يوميّاتها" لقد بزغ سنّي كحاجز بيننا ومانعاً لزواجنا. لا يقوم اعتراضي على سنّي - وإنما على حقيقة أن جبران ينتظر مني حباً يختلف عن ذلك الذي يكنّه لي، وذلك سيكون زواجه". ووضعت قرارها العاطفي الصعب والحاسِم أمام جبران : "ولكي يعيش جبران هكذا حب، فأنا لست سوى مرحلة. ومع أنّ عيني المرهفتين تذرفان الدمع، إلا أنني أفكر فيها بسرور، ولا أريد أن أحظى بخليل، لأنني أعلم أنها تكبر من أجله في مكان ما من هذا العالم، وهو يكبر من أجلها أيضا".
في كتاب نساء في حياة جبران وأثرهن في أدبه للكاتب وفيق غريزي ما يشير عن الاختلاف الجذري بين الحب فيما يكتبه جبران وبين ما يعيشه، فالحب الذي يكتبه هو ذلك الحب الصوفي، والحب الذي يعيشه هو ذلك المتعلق بالحياة والجمال.
ويلفت غريزي من يقرأ المؤلفات الجبرانية، ويسير في أعماق مضامينها، سيرى أن "مثار العراك فيها مجتمع لا يفهم الحب إلا وسيلة لمأرب أنانية قذرة، ويعمل للقضاء على حب سماوي بريء".
جوزفين بيبودي
شاعرة وكاتبة مسرحية أميركية، كانت أولى النساء اللواتي أسهمن في توجيه جبران وشحذ مواهبه. ولدت في أسرة وافره الثروة، تعرف عليها جبران وهو في سن الـ 15 من عمره، ولكن لظروف ما عاد جبران للبنان ودون أن يتمكن من وداعها، ورغم فقدان جبران لان يكون هناك تواصل بينه وجوزفين إلا أن جاءت أولى رسائلها له تقول فيها: "إن صانعي الجمال مثلك يهبون الآخرين خبز الحياة. لا أرى كيف هي بلدك، وهل لديك مكان هاديء تنمو فيه؟
رغم الإعجاب المتبادل بين الطرفين إلا أن جوزفين بيبودي كانت مرتبطه بغيره، ورغم محاولات جبران الكثيرة لدرجة إهدائه لها خاتم مادته، وهو خاتم عمادته وعلى حد قوله هو ما بقى له من جده وأمه، ولكن هذا لم يمنح جوزفيين من توطيد علاقتها بليونيل ماركس ومن ثم الارتباط به وترك جبران.
حلا ضاهر
هي المرأة الأولى فعليا وواقعيا في حياة جبران هي الحب الأول الذي نبض له قلب جبران البكر. لأنه عندما عاد إلى لبنان من بوسطن كانت معرفته بجوزفيين معرفة سطحية يلفها الضباب، في خريف 1898، وأثناء وجوده في لبنان، وفي طريقه من بشري إلى بيروت للالتحاق بالمدرسة، التقى في طريقه بحلا الضاهر وهي ابنة أسرة إقطاعية.
أحبها جبران وتطورت علاقتهما لدرجة أنها كانت تستضيفه في بيت العائلة، مما جعل أخوها إسكندر الضاهر يقطع العلاقة ويرفضها، ومع ذلك كانت حلا تقابل جبران في غابة دير"مارسركيس"
تقول سعيدة الضاهر أخت حلا: إن حلا ظلت تحتفظ بتذكارات جبران إلى آخر أيام حياتها، كأعز أثر من أعز حبيب، وبقيت حلا عانس لم تتزوج، وماتت عمياء في منتصف عام 1955. وظل حبها لجبران مشتعلا في قلبها. هذا الحب، أوحى لجبان بكتابة قصة الأجنحة المتكسرة.
مي زيادة
لم تتوقف سيرة الحب في حياة جبران عند ماري هسكل. فقد كان يؤمن بقضاء وقدرية الحب، ومن أشهر قصص الحب في حياة جبران. تطل قصة مي زيادة لتكون القصة الأبرز والأشهر في المشهد الثقافي العربي. وقد سجل جبران عبر كتابه "الشعلة الزرقاء" الرسائل المتبادلة بينه وبين مي زيادة في 37 رسالة ما بين الإعجاب والصداقة وصولا إلى إعلان جبران لحبه لمي زيادة.