حكاية مسجد| زين العابدين الذي سمي باسمه رغم دفنه في البقيع
يقع مسجد الإمام علي زين العابدين بن الحسين، في حي السيدة زينب بمصر القديمة، وهو واحد من أهم الآثار التاريخية في تلك المنطقة، ورغم أن المسجد يعد أهم المزارات لمحبي آل البيت في مصر، إلا أن قليلُا من يعرفون، أن على زين العابدين بن الحسين لم يدفن في مصر، وأن الضريح الموجود بمسجد علي زين العابدين بالقاهرة، هو ضريح لنجله زيد.
عبر تاريخهم الطويل ضرب آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، أعظم المثل في التضحية والفداء، وتعرض الكثيرون منهم للاضطهاد سواء في عهد الدولة الأموية، وفي عهد الدولة العباسية رغم صلة القرابة بينهم، وقد دفع أبناء وأحفاد الحسن والحسين من أرواحهم ثمنًا لمواقفهم الرافضة لممارسات الأمويين ومن بعدهم العباسيين.
عقب أحداث كربلاء واستشهاد الإمام الحسين بن على بن إبى طالب، جاء على زين العابدين بن الحسين إلى مصر بصحبة عمته السيدة زينب، لكنه لم يمكث فيها أكثر من عامين ثم خرج إلى المدينة المنورة، وقيل أن الوليد بن عبدالملك بن مروان قد دس السم له، وأنه توفي في عام 95 هجرية، وأنه دفن بجوار عمه الحسن بن على في البقيع، ولم يدفن في مصر.
بينما تعرض نجله، زيد بن على زين العابدين، إلى القتل أيضًا، على يد هشام بن عبدالملك بن مروان، بعدما قاد ثورة ضده، ولم يكتفى بقتله وإنما أمر أن يطاف برأسه المدن، وذلك في العام 122هجرية، وقد أرسلت الرأس إلى مصر بعدما مرت بالعراق والشام، وأما الجسد فقد أحرقه يوسف بن عمر الثقفي قائد جيوش هشام بن عبد الملك، وأمر بأن تنصب الرأس على جامع عمرو بن العاص، إلا أن المصريين انتظروا أيام قليلة وخطفوا رأس زيد بن على زين العابدين، ودفنت الرأس بموقعها الحالي.
وفي عهد الدولة الفاطمية وبالتحديد في 594 هجرية/ 1154 ميلادية بنى أول ضريح حول رأس زيد بن الحسين وكذا المسجد، إلا أن العمارة التاريخية للمسجد قد اندثرت عدا بعض الحوائط حول الضريح والتي سجل على أحدها تاريخ الإنشاء، حتى عهد الوالي العثماني حسن باشا السلحدار، وأنشأه من جديد أغا مستحفظان، وذلك عام 1280 هجرية/ 1863 ميلادية.
وتم تطوير وتوسعة المسجد مرة أخري في عهد الخديوي إسماعيل، والذي أسند إلى محمد باشا القيام بتجديده وتشييد مقصورة حديدية به، في عام 1304 هجرية/ 1886 ميلادية، ثم جدده الملك فاروق الأول مرة أخرى، مع الحفاظ على تفاصيليه التاريخية، وذلك في عام 1364 هجرية/ 1944 ميلادية، وتم تجديد المسجد مرة أخرى في القرن الحالي بعد تعرضه لحريق، وأعيد افتتاحه في العام 2018، وتبلغ مساحته 4600 متر مربع.
ويقع المسجد بطريق مصر القديمة بالقرب من مسجد بن طولون وبركة الفيل، وقد أطلق اسمه على المنطقة الموجود بها المسجد، والتى أطلق عليها في نهاية القرن التاسع عشر حي زينهم، ويحتوي المسجد على قبتين لمقامي زين العابدين رغم عدم دفنه في الضريح والقبة الأخري لرأس زيد نجله، ويحتفل أبناء الطرق الصوفية بمولده في شهر شعبان من كل عام.