تقرير حقوقى يكشف رفض الحوثيين مساعى السلام ويواصلون انتهاكات حقوق الإنسان
رفض الحوثيين كافة المبادرات الرامية إلى الوصول لسلام مستدام في اليمن أو أي تسوية سياسية شاملة، بداية من رفض خطة المبعوث الأمريكي تيموثي ليندركينج الساعية إلى وقف إطلاق النار، واستئناف تمويل العمليات الإنسانية في المناطق الذين يسيطرون عليها بقوة السلاح، وكان المتحدث باسم جماعة "أنصار الله" الحوثية محمد عبدالسلام قد أعلن رفض الجماعة لمقترح المبعوث الأمريكي إلى اليمن الذي قدمه في مارس 2021، معتبرًا إياه "مؤامرة" لوضع اليمن في مرحلة أخطر مما هي عليه الآن حسب قوله، معتبرًا أن الخطة تمثل وجهة النظر السعودية. وقد رفض الحوثيون أيضًا مبادرة قدمتها المملكة العربية السعودية في مارس 2021 تقضي بوقف شامل لإطلاق النار بإشراف من الأمم المتحدة؛ استئناف المفاوضات السياسية بين الأطراف المختلفة في اليمن.
أكد على ذلك التقرير السنوي الخامس لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تحت عنوان "أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية في ظل استمرار جائحة كورونا.. تنمية محدودة وأزمات مستمرة"، والذي تناول أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية خلال عام 2021.
وأشار التقرير في الجزء الخاص باليمن إلى استمرار الحوثيين في الممارسات التعسفية التي تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وكافة الأعراف الدولية، فقد استمر الحوثيون في تنفيذ عقوبة الإعدام، حيث نفذوا حكم الإعدام في حق تسعة أشخاص في 21 سبتمبر 2021، من بينهم طفل قاصر بتهم ملفقة وجائرة تتعلق بنقل معلومات للتحالف العربي والاشتراك في اغتيال قائد عسكري يتبع الحوثيين.
فيما قيد الحوثيون حرية الصحافة، ولا يزال يحتجز تعسفيًا تسعة صحفيين من بينهم 4 صدرت في حقهم أحكام بالإعدام وهم: عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، أكرم الوليدي، حارث حميد. ولم يستجب الحوثيون إلى مناشدات المنظمات الأممية ومنظمات المجتمع المدني التي دعتهم لإلغاء أحكام الإعدام على الصحفيين الذين احتجزوا بناءً على تهم ملفقة وفقًا لادعاءات محامي هؤلاء الصحفيين في تعارض فادح مع خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب.
وقد وثق التقرير شهادة الصحفي والإعلامي اليمني حمزة الجبيحي الذي اعتقلته جماعة الحوثي في 31 أغسطس 2016 وأطلق سراحه في 29 سبتمبر 2021 في صفقة تبادل محلية للأسرى بين الحوثيين ومحافظة تعز، وأثناء الفترة التي قضاها في أربعة سجون مختلفة تعرض لأنماط مختلفة من الإساءات التي ترقى إلى التعذيب وقد انتزع الحوثيون منه اعترافات على جرائم لم يرتكبها، بالإضافة إلى الضرب بالكابلات وأجهزة الصعق الكهربائي والحرمان من النوم ويعد التعذيب جريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي وهي جريمة تتعارض مع كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية.
كما وثق التقرير وقائع العنف الجنسي ضد النساء واستخدم الحوثيون سلاح الاغتصاب كأداة لوصم النساء ووضع عوائلهم تحت الضغط النفسي. وفي قاعة محددة ذكرها التقرير في 25 سبتمبر 2021، أوضحت جيهان القاضي وهي دكتورة يمنية كانت تعمل في مستشفى الثورة في صنعاء، تعرضها لما يعرف بجهاد التطهير، من قبل مسئولين حوثيين، بعد رفضها حضور المحاضرات التي ينظمها الحوثيون لترسيخ أفكارهم وعقيدتهم وبعد رفضها أداء ما يعرف بالصرخة التي أجبر الحوثيون جميع من يقيمون داخل مناطق سيطرتها على أدائها. كما تحدثت عن ملاحقة زوجها من قبل الحوثيين وعن انقطاع المساعدات الإنسانية عنها بعد تعرضها للاعتقال وفقدانها لوظيفتها، كما تحدثت عن تصفية أختها التي كانت تعمل في منطقة دولية.
ركز التقرير أيضًا على مأساة المهاجرين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ونوه التقرير الصادر عن المؤسسة إلى الحريق الذي نشب في سجن مركز الجوازات في صنعاء والذي يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي للاجئين والأعراف الدولية الأخرى، وبحسب شهادات بعض المهاجرين المحتجزين والتي وثقتها مؤسسة ماعت، رفض بعض المهاجرين تناول الإفطار.
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر، يوم 7 مارس 2021 وعندما عاد الحراس بطعام الغذاء، استمر المحتجزون في رفضهم الحصول على الطعام، بعد أن تعرف حراس المركز على منظمي الاحتجاج، أخرجوهم من الهنجر الذين كانوا يقيمون فيه، وضربوهم بالعصي الخشبية وأسلحتهم النارية، كرد فعل على ذلك قام المحتجزون بإلقاء الأطباق، وأصابوا أحد حراس الأمن في وجهه الذي اتضح فيه آثار جروح، جمع الحراس المهاجرين بعدها في مكان قريب واحتجزوهم في الهنجر، ثم بعد دقائق تفاجأ المهاجرون المحتجزون بقوات أمن ترتدي الزي الأسود والأخضر والرمادي، مدججين بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى، اعتلى أحد أفراد الأمن آنفي الذكر سطح الهنجر الذي كان به بعض الفتحات للتهوية وأطلق مقذوفين ناريين.
وقال المهاجرون إنّ القذيفة الأولى جعلت عيون المهاجرين في الهنجر تذرف بالدموع، انفجرت الثانية، التي أسماها المهاجرون بالـ"قنبلة"، أحدثت هذه القنبلة دويًا في المركز وأشعلت الحريق في كافة أركانه.
وفي 17 مارس 2021، اعترف الحوثيون بمسئولية قوات الأمن التابعين لهم في حريق مركز الاحتجاز الخاص بالمهاجرين وأفادوا بأن 11 جنديًا من إدارتي مكافحة الشغب والجوازات مسئولون عن إحراق 45 من المهاجرين وإصابة 170 آخرين، هذه الأرقام اتضح فيما بعد أنها أعلى من ذلك بكثير.
وقال الحوثيون إن القنابل المستخدمة في إشعال الحريق هي قنابل دخانية من نوع "CS"، وإن الجنود احتجزوا لحين تقديمهم للمحاكمة، وأفادوا بفتح تحقيق مستقل في الحادثة. وفي شهادات للجنود قالوا إنهم لم يأتمروا من رؤسائهم لإطلاق القنابل.
وأوضح التقرير أن اعتراف الحوثيين بجريمة مركز احتجاز المهاجرين في صنعاء وهي بمثابة جريمة ضد الإنسانية لا يمكن أن تعفيهم عن المسئولية ولا بد للأمم المتحدة من توقيع عقوبات بعد تحقيق مستقل وشامل على من أعطوا الأوامر للجنود بإطلاق القذائف والنيران صواب هنجر الاحتجاز، إن الإفلات من العقاب على هذه الجريمة سيكررها على نحو مستمر، ما قد يجعل المهاجرين في اليمن عرضة لهذا النوع من الانتهاكات التي تتعلق بحق لا تعلوه حقوق أخري من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة.